رواية: يا رسول اللَّه - فلم يُجبه، فقال: يا رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، إنَ حَمْدي لَزَينٌ. وإن ذَمِّي لَشينٌ. فقال: ذاك اللَّه -عزَّ وجلَّ-] (١).
وقوله:{وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ}. إرشاد منه سبحانه إلى الأدب الذي كان ينبغي أن يتأدب به هؤلاء الذين ينادون رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من وراء الحجرات. قال القرطبي:(أي لو انتظروا خروجك لكان أصلح لهم في دينهم ودنياهم. وكان -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يحتجب عن الناس إلا في أوقات يشتغل فيها بمهمات نفسه، فكان إزعاجه في تلك الحالة من سوء الأدب).
وقوله:{وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. توجيه منه سبحانه إلى التوبة والإنابة لتكفير الزلل والعيوب، فإنه تعالى يغفر ويستر وهو الغفور السِّتير.
أخرج أبو داود بسند صحيح عن يعلى بن أمية، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:[إن اللَّه تعالى حَيِيٌّ ستير، يحب الحياء والسِّتر](٢).
في هذه الآيات: توجيهُ اللَّه تعالى عباده المؤمنين للتثبت من صحة الأخبار، لئلا يقعوا في الندم أو الظلم للمؤمنين الأخيار، وامتنانُه تعالى عليهم بهذا النبي المختار.
فقوله:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}. أَمْرٌ بالتثبّت في خبر الفاسق وعدم اعتماده إلا بعد التحقق منه. وقد نزلت هذه الآية في الوليد بن عقبة بن أبي مُعَيط، حين بعثه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على صدقات بني المصطلق.
فقد أخرج الإمام أحمد والطبراني بسند حسن عن عيسى بن دينار قال: حدثني أبي
(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٣/ ٤٨٨)، (٦/ ٣٩٣)، والطبري (٣١٦٧٩)، والطبراني (٨٧٨) وإسناده على شرط البخاري ومسلم، وصرح أبو سلمة بالتحديث عن الأقرع. (٢) حديث صحيح. أخرجه أبو داود في السنن (٤٠١٢). وانظر صحيح سنن أبي داود (٣٣٨٧).