بعض ليسأله أن يريه. و"لا تضارّون" لا يخالف بعضكم بعضًا، يقال: ضارّه مضارّة وضِرارًا أي خالفه) ذكره القرطبي.
قلت: والضيم لغة: الظلم، والحديث أصله في صحيح البخاري عن جرير بن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إنكم سترون ربّكم عيانًا. وفي رواية قال: كنا جلوسًا عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فنظر إلى القمر ليلةَ البدر فقال: إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تَضَامُّون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تُغْلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثم قرأ:{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا}] (١).
وفي سنن ابن ماجه بسند صحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [تضامون في رؤية القمر ليلة البدْر؟ قالوا: لا. قال: فكذلك لا تضامون في رؤية ربكم يوم القيامة](٢).
وفيه أيضًا عن أبي سعيد قال: قلنا يا رسول اللَّه! أنرى ربنا؟ قال:[تَضَامّون في رؤية الشمس في الظهيرة في غير سحاب؟ قلنا لا. قال: فتضارونَ في رؤية القمر ليلة البدر في غير سحاب؟ قالوا: لا. قال: إنكم لا تضارون في رؤيته إلا كما تضارون في رؤيتهما].
فإن اللَّه سبحانه نور السماوات والأرض، فإذا تجلى لعباده ليفصل بينهم فاض النور منه سبحانه: نور وجهه ونور عدله ونور قضائه وحكمه، فكان ذلك كله نورًا على نور.
وقوله:{وَوُضِعَ الْكِتَابُ}. فيه أكثر من قول:
الأول: كتب الأعمال. فعن قتادة قال:(كتاب أعمالهم. قال: يريد الكتاب والصحف التي فيها أعمال بني آدم، فأخذ بيمينه وآخذ بشماله). وقال ابن جرير:(يعني كتاب أعمالهم لمحاسبتهم ومجازاتهم).
الثاني: قيل بل المراد وضع الكتاب للحساب. فعن السدي:(ووضع الكتاب: قال الحساب). أي مِنْ وَضْعِ المُحاسب كتاب المحاسبة بين يديه.
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح (٥٧٣)، وأحمد في المسند (٤/ ٣٦٢). (٢) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجه (١٧٨). باب فيما أنكرت الجهمية. انظر صحيح سنن ابن ماجه (١٤٨)، وكذلك (١٤٩) للحديث الذي بعده.