دعوة لإخلاص العبادة لله وحده، فهو رب هذا الكون وما فيه، وكلهم آتيه يوم القيامة عبدًا.
قال القاسمي:({قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا} فأشركه في عبادته. وهو جواب عن دعائهم له عليه الصلاة والسلام إلى عبادة آلهتهم، وفي إيثار نفي البغية والطلب، على نفي العبادة، أبلغيّة لا تخفى {وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ} في موضع العلة للإنكار والدليل له. أي: وكل ما سواه مربوب مثلي لا يصلح للربوبية، فلا أكون عبدًا لعبده).
قال السيوطي في "الإكليل": ({وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} - هذه الآية أصل في أنه لا يؤاخذ أحد بفعل أحد. وقد ردت عائشة به على من قال: إن الميت يعذب ببكاء الحي عليه. أخرجه البخاري، وأخرج ابن أبي حاتم عنها، أنها سئلت عن ولد الزنى؟ فقالت: ليس عليه من خطيئة أبويه شيء. وتلت هذه الآية).
قلت: أما حديث: [إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله عليه]. وفي رواية:[في قبره بما نيح عليه]. وفي لفظ:[إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه]. وفي لفظ مفسِّر للبكاء المنهي عنه - ألا وهو النياحة -: [من يُنَح عليه يعذب بما نيح عليه يوم القيامة](١). فهو حديث صحيح. واعتراض عائشة بالآية عليه لا يعني عدم ثبوته عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهو مبلغ علم عائشة. وإنما المقصود به الإقرار من الميت بهذا الفعل المنكر وهو النياحة وعدم التحذير منه أهله قبل موته. وكذلك حديث:[ولد الزنا شر الثلاثة](٢)، حديث صحيح، وهو كذلك إنما يحمل على الإقرار، فلو مضى الولد - ولد الزنا - على
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٣/ ١٢٦)، ومسلم (٣/ ٤٥)، والبيهقي (٤/ ٧٢)، وأخرجه الإمام أحمد في المسند في مواضع: (٤/ ٢٤٥)، (٤/ ٢٥٢)، (٤/ ٢٥٥) من حديث أنس وابن عمر. (٢) حديث صحيح. أخرجه أبو داود (٣٩٦٣)، والحاكم (٢/ ٢١٤)، وأحمد (٢/ ٣١١)، وغيرهم.