وقد قالَ العلماءُ في معنى الرأيِ الذي يحرمُ به التَّفسيرُ عِدَّةَ أقوالٍ، تجتمعُ في ثلاثةِ معانٍ:
أوَّلُها: التَّفسيرُ بغيرِ دليلٍ؛ بل بمجرَّدِ الظنِّ والهوى، قالَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠): «ما كانَ مِنْ تأويلِ القرآنِ الذي لا يُدرَكُ علمُه إلا بنَصِّ بيانِ رسولِ الله ﷺ، أو بِنَصْبِهِ الدَّلالَةَ عليه = فغيرُ جائزٍ لأحدٍ القيلُ فيه برأيه» (١)، وقالَ الجَصَّاص (ت: ٣٧٠): «إنَّما هو في مَنْ قالَ فيه بما سَنَحَ في وَهْمِه، وخَطَرَ على بالِه، مِنْ غيرِ اسْتِدْلَالٍ عليه بالأُصُولِ» (٢)، وقالَ البيهقي (ت: ٤٥٨): «إنما أراد -والله أعلم- الرأيَ الذي يغلِبُ مِنْ غيرِ دليلٍ قامَ عليه، فمثلُ هذا لا يجوزُ تفسيرُ القرآنِ به» (٣)، وقد أشارَ إلى هذا المعنى ابنُ حزم (ت: ٤٥٦)، وابنُ العربي (ت: ٥٤٣)، وابنُ عطية (ت: ٥٤٦)، والقرطبي (ت: ٦٧١)، والنَّووي (ت: ٦٧٦)، وابنُ تيمية (ت: ٧٢٨)، وأبو حيَّان (ت: ٧٤٥)، وابنُ القيّم (ت: ٧٥١)، والشّاطبي (ت: ٧٩٠)، والزركشي (ت: ٧٩٤)، وابنُ عاشور (ت: ١٣٩٣) (٤). وقالَ القرطبي (ت: ٦٧١): «وهو الذي اختارَه غيرُ واحدٍ مِنْ العلماءِ» (٥).
وثانيها: التَّفسيرُ بالدَّليلِ الباطلِ، كتفاسيرِ الفلاسفةِ، والباطنيَّةِ،
(١) جامع البيان ١/ ٧٢.(٢) النكت والعيون ١/ ٣٥.(٣) شعب الإيمان ٣/ ٥٤٠.(٤) ينظر: الإحكام، لابن حزم ١/ ٤٥، وقانون التأويل (ص: ٣٦٦)، والمحرر الوجيز ١/ ٢٩، وحُجَجُ القرآن (ص: ٩)، والجامع لأحكام القرآن ١/ ٥٨، والتبيان في آداب حملة القرآن (ص: ١٦٧)، ومجموع الفتاوى ١٣/ ٣٧١، والبحر المحيط ١/ ١١٩، وإعلام الموَقِّعين ٢/ ١٥٤، والموافقات ٤/ ٢٧٩، والبرهان في علوم القرآن ٢/ ١٦١، والتحرير والتنوير ١/ ٣٠.(٥) الجامع لأحكام القرآن ١/ ٥٨، وينظر: جامع الترمذي ٥/ ٢٠٠.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute