فلُغةُ العربِ هي: ما تُعبِّرُ به العربُ عن مقاصدِها؛ مِنْ ألفاظِها، وأساليبِ معانيها التي تُورَدُ بها.
والمُرادُ بالاستدلالِ بلغةِ العربِ على المعاني هو:
إقامَةُ لغةِ العربِ دليلاً لتصحيحِ المعاني وقبولِها، أو إبطالِها ورَدِّها.
أو: الإبانَةُ بدليلِ اللُّغةِ عن صِحَّةِ المعاني وبطلانِها.
وابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) يجمعُ في استدلالِه بلُغةِ العربِ بين ما نُقلَ مِنْ نثرِها وشعرِها، وسنجمعُ بينهما في عامَّةِ المسائلِ فيما يأتي بإذنِ الله.
وأمثلةُ استدلالِ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) باللُّغةِ على المعاني في تفسيره كثيرةٌ ظاهِرةٌ، وهي على نوعين:
النَّوعُ الأوَّلُ: استدلالُه باللُّغةِ لقبولِ المعاني وتصحيحِها، ومن ذلك قولُه في قولِه تعالى ﴿لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا﴾ [طه: ١٠٧]: «وأَولى الأقوالِ في ذلك بالصَّوابِ قَولُ مَنْ قالَ: عَنى بالعِوَجِ: المَيَلَ؛ وذلك أنَّ ذلك هو المعروفُ في كلامِ العربِ»(١)، وقولُه في قولِه تعالى ﴿إِنَّا لَمُغْرَمُونَ﴾ [الواقعة: ٦٦]: «وأَولى الأقوالِ في ذلك بالصَّوابِ قَولُ مَنْ قالَ: معناه: إنّا لمُعذَّبون. وذلك أنَّ الغرامَ عند العربِ: العذابُ. ومِنه قولُ الأعشى (٢):
(١) جامع البيان ١٦/ ١٦٦. (٢) هو ميمون بن قيس بن جندل، الأعشى الكبير، مِنْ أعلامِ شُعراءِ الجاهليَّةِ وفحولِهم، ومِن أصحابِ المُعلَّقاتِ، أدركَ زمنَ النَّبي ﷺ ولم يُسلِم. ينظر: طبقات فحول الشّعراء ١/ ٥٢، والأغاني ٩/ ٨٠. والبيت في ديوانِه (ص: ٩).