ومِن المَعلومِ أنَّ قولَ الصحابيِّ فيما لا مجالَ للرَّأْي فيه له حُكمُ المَرفوعِ، قالَ السّيوطيُّ (ت: ٩١١): «التَّفسيرُ الواردُ عن الصحابيِّ فيما يتعلَّقُ بأمرِ الآخرةِ له حُكمُ الرَّفعِ بإجماعِ أهلِ الحديثِ»(١).
ثالثَ عشر: يُقدِّمُ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) أقوالَ الصَّحابةِ على غيرِهم في أسبابِ النّزولِ؛ لِما لها مِنْ القوَّةِ، فقد عدَّها أهلُ العلمِ من قبيلِ المُسندِ عن رسولِ الله ﷺ، كما قالَ الحاكمُ (ت: ٤٠٥): «ليعلمَ طالبُ هذا العلمِ أنَّ تفسيرَ الصحابيِّ الذي شهدَ الوَحيَ والتَّنزيلَ عندَ الشَّيخَيْن حديثٌ مُسندٌ»(٢)، وقد قيلَ في معنى ذلك ثلاثةُ أوجهٍ:
١ - أنَّه مثلُه في الاحتجاجِ.
٢ - أنَّه مثلُه مِنْ جهةِ أنَّهم تلقَّوْه عن بيانِ رسولِ الله ﷺ لهم، ونقلوه عنه بلفظِه أو بمعناه. ذكرَ هذين الوَجهَيْن ابنُ القيِّم (ت: ٧٥١)، وقالَ عن الثَّاني:«وهو أحسنُ الوَجهَيْن»(٣).
٣ - أنَّ ذلك خاصٌّ بما نقلوه مِنْ أسبابِ النُّزولِ، وذلك رأيُ الحاكمِ (ت: ٤٠٥) في كتابِه (معرفةِ علومِ الحديثِ)؛ حيثُ ذكرَ قولاً لأبي هريرةَ ﵁ في التَّفسيرِ، ثُمَّ قالَ:«وأشباهُ هذا مِنْ المَوْقوفاتُ يُعدُّ في تفسيرِ الصَّحابةِ، فأمّا مَنْ يقولُ: إنَّ تفسيرَ الصحابيِّ مُسندٌ. فإنَّما يقولُ في غيرِ هذا النَّوعِ»(٤)، ثُمَّ مثَّلَ له بقولٍ لجابرِ بن عبد الله ﵁ في
(١) الإتحاف بتمييز ما تبعَ فيه البيضاويُّ صاحبَ الكشّاف (مخطوط، ص: ٤). وينظر: النُّكت على كتاب ابن الصّلاح ٢/ ٥٣٠، وتدريب الرّاوي ١/ ٢٨٣. (٢) المستدرك على الصَّحيحين ٢/ ٢٨٤. وينظر: ١/ ٨٠، ٢١١، ٧٢٦، ٢/ ٢٨٩، ٤/ ٦١٩. (٣) إعلام الموقعين ٦/ ٣٣. (٤) معرفة علوم الحديث (ص: ١٤٨).