غيرَ أنَّ معنى ما قالوا في ذلك آيلٌ إلى معنى ما قُلنا فيه» (١)، وقولِه:«﴿أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ﴾ [الرعد: ٣٣]، يقولُ تعالى ذِكرُه: أمْ تُنبِّئونَه بظاهرٍ مِنْ القَولِ مَسموعٍ، وهو في الحقيقةِ باطلٌ لا صِحَّةَ له. وبنحوِ ما قُلنا في ذلك قالَ أهلُ التَّأويلِ، غيرَ أنَّهم قالوا ﴿أَمْ بِظَاهِرٍ﴾ [الرعد: ٣٣] معناه: أمْ بباطلٍ. فأتَوا بالمعنى الذي تدلُّ عليه الكلمةُ دونَ البيانِ عن حقيقةِ تأويلِها»(٢)، وقولِه عندَ قولِه تعالى ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ﴾ [الأنعام: ٨٩]: «﴿وَالْحُكْمَ﴾ [الأنعام: ٨٩] يعني: الفهمَ بالكتابِ ومعرفةَ ما فيه مِنْ الأحكامِ. ورُويَ عن مجاهدٍ في ذلك .. ، قالَ: الحكمُ هو اللُّبُّ. وعَنى مُجاهدٌ إن شاءَ الله ما قُلتُ؛ لأنَّ اللُّبَّ هو العقلُ، فكأنَّه أرادَ أنَّ الله آتاهُم العقلَ بالكتابِ، وهو بمعنى ما قُلنا مِنْ أنَّه الفهمُ به»(٣)، وقولِه:«رُويَ عن قتادةَ في تأويلِ قولِه ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ﴾ [الأنعام: ١٠٠] أنَّه: يَكذِبون. وأحسبُ أنَّ قتادةَ عَنى بتأويلِه ذلك كذلك أنَّهم يَكذِبون في وَصفِهم اللهَ بما كانوا يَصِفونه به؛ مِنْ ادِّعائِهم له بنينَ وبناتٍ، لا أنَّه وجَّهَ تأويلَ الوصفِ إلى الكذِبِ»(٤).
سادساً: أَوْلى ما توَجَّه إليه أقوالُ السَّلفِ ما أبانوه بأنفُسِهم مِنْ مقاصِدِهم، وهذا مِنْ تمامِ العدلِ والإنصافِ؛ فإنَّ خيرَ مَنْ يُبينُ عن مقصدِ المُتكلِّمِ نفسُه، وقد اعتمدَ ذلك ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) في تفسيرِه،