المُفسِّرون على اعتبارِ دليلِ السُّنَّةِ في بيانِ المعاني، وتقديمِه، والاحتجاجِ به، وقد عدَّه ابنُ جُزي (ت: ٧٤١) ثانيَ موجباتِ الترجيحِ ووجوهِه بعدَ القرآنِ، فقالَ:«إذا وردَ عنه ﵇ تفسيرَ شيءٍ مِنْ القرآنِ عوَّلْنا عليه، لا سيَّما إن وردَ في الحديثِ الصَّحيحِ»(١).
٥ - أنَّ اللهَ أوجَبَ على رسولِه ﷺ تبيينَ القرآنِ للنَّاسِ قولاً وفِعلاً، فلا يحتاجونَ بعدَ بيانِه عنه إلى بيانٍ، قالَ ابنُ أبي حاتم (ت: ٣٢٧): «إنَّ الله ﷿ ابتعثَ محمداً رسولَه ﷺ إلى النَّاسِ كافَّةً، وأنزلَ عليه الكتابَ تبياناً لكلِّ شيءٍ، وجَعَلَه موضِعَ الإبانةِ عنه، فقالَ ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤]، وقالَ ﷿ ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾ [النحل: ٦٤]، فكانَ رسولُ الله ﷺ هو المُبيِّنُ عن الله ﷿ أمرَه، وعن كتابِه معاني ما خوطِبَ به النَّاسُ، وما أرادَ الله ﷿ به، وعُنيَ فيه»(٢)، وقالَ ابنُ تيمية (ت: ٧٢٨): «يجبُ أن يُعلَمَ أنَّ النَّبي ﷺ بيَّنَ لأصحابِه معاني القرآنِ كما بيَّنَ لهم ألفاظَه، فقولُه تعالى ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤] يتناوَلُ هذا وهذا»(٣)، ومِن ثَمَّ لزِمَ اعتمادُ السُّنَّةِ حُجَّةً في بيانِ معاني القرآن.
٦ - أنَّ مِنْ القرآنِ ما لا يُعلَمُ معناه إلا مِنْ جِهةِ النَّبي ﷺ، كما قالَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠): «وإذَ كانَ ذلك كذلك، وكانَ الله جلَّ ذِكرُه قد أخبَرَ عبادَه أنَّه قد جعلَ القرآنَ عربيّاً، وأنَّه أُنْزِلَ بلسانٍ عربيٍّ مُبينٍ، ثُمَّ