آخرَ: «والقراءةُ التي لا أستجيزُ خلافَها ما جاءَت به قَرَأَةُ الأمصارِ مُجمِعةً عليه به، نقلاً عن رسولِ الله ﷺ) (١).
ولا تكفي صِحَّةُ القراءةِ سنداً؛ بل لا بدَّ مِنْ اشتِهارِها واستفاضتِها، كما قالَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) عن قراءَةٍ صحيحةِ الإسنادِ عن الزُّهري (ت: ١٢٥) في قولِه تعالى: (وأقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرَى)[طه: ١٤](٢): «ولو كانَت القراءَةُ التي ذكرناها عن الزُّهريِّ قراءةً مُستفيضةً في قرَأةِ الأمصارِ = كانَ صحيحاً تأويلُ مَنْ تأوَّلَه بمعنى: أقمِ الصَّلاةَ حينَ تذكرُها»(٣).
٢ - أنْ توافقَ وجهاً صحيحاً في لُغةِ العربِ؛ وذلك لأمورٍ:
أوَّلُها: أنَّ القراءَةَ إذا خرجَتْ عن أوجُهِ لُغاتِ العربِ = خَرجَتْ عن كونِها قرآناً؛ لأنَّ القرآنَ إنَّما أُنزلَ بلسانِ العربِ؛ الشَّاملِ جميعَ أوجُهِ لُغاتِها.
وثانيها: أنَّ ذلك سبيلُ صِحَّةِ القراءَةِ في المعنى؛ فإنَّ الألفاظَ إذا خرجَتْ عن الوضعِ العربيِّ لها = خرجتْ المعاني عن دلالاتِ الألفاظِ المعهودةِ.
وثالثُها: أنَّ الغرضَ الأكبرَ مِنْ تنزيلِ القراءاتِ: التّيسيرُ على العربِ في تلقِّي القرآنِ زمنَ التَّنزيلِ، مع اختلافِ لُغاتِها، وتعدُّدِ لهجاتِها، فإذا
(١) جامع البيان ٢٠/ ٢٣٨. (٢) أخرجَها مسلم في صحيحه ٢/ ٣٠٨ (٦٨٠)، وأبو داود في سننه ١/ ٣٥٧ (٤٣٦)، والنسائيُّ في سننه ١/ ٣٢٣ (٦١٩)، وهي عندهُم بلامَيْن: (للذِّكرى). (٣) جامع البيان ١٦/ ٣٣.