مِنه كان يحفظُها جماعةٌ كثيرةٌ أقلُّهُم بالِغون حَدَّ التواتُر» (١)، وقالَ ابنُ تيمية (ت: ٧٢٨): «فالمسلمون عندهم نقلٌ متواترٌ عن نبيِّهم بألفاظِ القرآنِ .. ، ويحفظون القرآنَ في صدورِهم حفظاً يستغنون به عن المصاحِفِ»(٢)، وقالَ الزَّركشي (ت: ٧٩٤): «لا خلافَ أنَّ كُلَّ ما هو مِنْ القرآنِ يجبُ أن يكونَ متواتراً»(٣).
ثانياً: جميعُ ما في القرآنِ عربيٌّ، قالَ الشافعيُّ (ت: ٢٠٤): «ومِن جِماعِ علمِ كتابِ الله: العلمُ بأنَّ جميعَ كتابِ الله إنَّما نزَلَ بلسانِ العربِ»(٤)، وقد دَلَّ على ذلك جُملَةُ أدلَّةٍ:
١ - أنَّ الله تعالى أبانَ عن ذلك نصَّاً في كتابِه بقولِه ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ [يوسف: ٢]، وقولِه ﴿وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا﴾ [الرعد: ٣٧]، وقولِه ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء: ١٩٥]، قالَ الشافعيُّ (ت: ٢٠٤): «والقرآنُ يدلُّ على أن ليس مِنْ كتابِ الله شيءٌ إلا بلسانِ العربِ»(٥).
٢ - أنَّ الله أرسلَ محمداً ﷺ بلسانِ قومِه ليبَيِّن لهم، كما قالَ تعالى ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾ [إبراهيم: ٤]، ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾ [النحل: ٦٤]، ولسانُه مِنْ العربيّةِ في أعلاها، «وغيرُ جائزٍ أن يكونَ به مُهتدياً مَنْ كانَ بما يَهدي إليه
(١) المرشد الوجيز (ص: ٣٣). وينظر: الجواب الصحيح ٣/ ٢١. (٢) الجواب الصَّحيح ٣/ ١٣. (٣) البرهان في علوم القرآن ٢/ ١٤٥. (٤) الرسالة (ص: ٤٠). (٥) الرسالة (ص: ٤٢).