في النَّظرِ على أنَّ جميعَ سوَرِه كلامٌ واحِدٌ؟»، ثُمَّ أجاب:«يصِحُّ في الاعتبارِ أن يكونَ واحداً بالمعنى المُتقدِّم، أي: يتوقَّفُ فهمُ بعضِه على بعضٍ بوجهٍ ما؛ وذلك أنَّه يبيِّنُ بعضُه بعضاً، حتى إنَّ كثيراً مِنه لا يُفهَم معناه حقَّ الفهمِ إلا بتفسيرِ موضِعٍ آخرَ، أو سورةٍ أخرى .. ، فلا محالَةَ أنَّ ما هو كذلك فكلامٌ واحِدٌ، فالقرآنُ كُلُّه كلامٌ واحِدٌ بهذا الاعتبار»(١).
٨ - ورودُه في تفاسير السَّلفِ، وأمثلتُه كثيرةٌ؛ مِنها: قولُ مجاهد (ت: ١٠٤) في قولِه تعالى ﴿يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ﴾ [البقرة: ١٢١]: «يَتَّبِعونه حَقَّ اتِّباعِه؛ ألَمْ تَرَ إلى قولِه ﴿وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا﴾ [الشمس: ٢]؟ يعني الشَّمسَ إذا اتَّبَعَها القمرُ»(٢)، وقالَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠): «وكانَ ابنُ جُريْجٍ يقولُ في انتهاءِ الخبَرِ عن الخَتمِ إلى قولِه ﴿وَعَلَى سَمْعِهِمْ﴾ [البقرة: ٧]، وابتداءِ الخبَرِ بعدَه = بمثلِ الذي قُلنا فيه، ويتأوَّلُ فيه مِنْ كتابِ الله ﴿فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ﴾ [الشورى: ٢٤]»(٣)، ثُمَّ أسنَدَ عنه قولَه:«الختمُ على القلبِ والسَّمعِ، والغِشاوَةُ على البصرِ؛ قالَ الله تعالى ذِكرُه ﴿فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ﴾ [الشورى: ٢٤]، وقالَ ﴿وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً﴾ [الجاثية: ٢٣]»(٤).
(١) الموافقات ٤/ ٢٧٤. (٢) جامع البيان ٢/ ٤٩٠. (٣) جامع البيان ١/ ٢٧١. (٤) المرجع السابق.