التعبيرُ بالعِلَّةِ؛ لأنَّ الدَّليلَ عِلَّةُ الحُكمِ، وسبَبُ الاختيارِ. وفي التَّعبيرِ بالأصلِ عن الدَّليلِ الإشارَةُ إلى أنَّه مَبنى الحُكمِ وأساسُه.
وكُلُّ ذلك مِنْ عادَةِ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) في التنويعِ في العِبارَاتِ والأساليبِ، ومِن أمثِلَةِ ذلك في كلامِه قولُه عندَ قولِه تعالى ﴿وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ [البقرة: ٢٧]: «وقد تأوَّلَ بعضُهُم ذلك: أنَّ اللهَ ذَمَّهُم بقطعِهِم رسولَه، والمؤمنين به، وأرحامِهِم. واستَشهَدَ على ذلك بعُمومِ ظاهِرِ الآيَةِ، وألَّا دلالَةَ على أنَّه معنيٌّ بها بعضُ ما أمَرَ اللهُ بوَصلِه دونَ بعضٍ»(١)، وقولُه:«وقد ذُكِرَ عن ابن عباس أنَّه احتجَّ في ذلك بمثلِ الذي ذكرنا مِنْ الحُجَّةِ»(٢)، وقولُه:«وعِلَّةُ مَنْ قالَ هذه المَقَالَةِ»(٣) ثُمَّ أورَدَ حديثاً عن رسولِ الله ﷺ، وكذا قولُه:«ويُسأَلُ الفرقَ بينَه وبينَه؛ مِنْ أصْلٍ، أو مِمَّا يَدُلُّ عليه أصْلٌ»(٤).
ثانياً: يَحصِرُ المعاني تمهيداً للاستدلالِ لها. فلا يدعُ قولاً يعلَمُه عن أهلِ التَّأويلِ إلَّا ذكَرَه، كما أشارَ في مُقَدِّمتِه بقولِه:«ونحنُ في شرحِ تأويلِه وبيانِ ما فيه مِنْ معانيه مُنشِئون إن شاءَ اللهُ ذلك كتاباً مُستَوعِباً .. ، جامعاً، ومِن سائِرِ الكُتُب غيرِه في ذلك كافياً، ومُخبِرونَ في كُلِّ ذلك بما انتهى إلينا مِنْ اتِّفاقِ الحُجَّةِ فيما اتَّفقَت عليه مِنه، واختِلافِها فيما اختلَفَت فيه مِنه»(٥)، وقالَ أيضاً: «ومِمَّا يُبَيِّنُ عن أنَّ ذلك كذلك: أنَّ