الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالسيرة النبوية هي الميدان العملي للإسلام فمنذ نزول القرآن الكريم على الرسول -صلى الله عليه وسلم- في غار حراء إلى وفاته -صلى الله عليه وسلم- نزلت الأحكام، وشرعت الشرائع، وأسس الدين، ونصبت القبلة، وعرف الحلال والحرام، وصححت العقائد؛ وذلك من خلال المواقف والأحداث التي مر بها الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع المحيطين به من الصحابة، والكفار، وأهل الكتاب وغيرهم سواء أكان ذلك في الحرب أم في السلم؛
لذا قال الخطيب البغدادي-رحمه الله-: (تتعلق بمغازي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحكام كثيرة، فيجب كتبها والحفظ لها)، وقال الزهري-رحمه الله-: (في علم المغازي علم الآخرة والدنيا). (١)
لذا حرص الصحابة-رضي الله عنهم- والسلف الصالح على مدارسة السيرة النبوية ومغازي الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومعرفة حياته وهديه وقد وصف عبيد الله بن عتبة مجلس ابن عباس -رضي الله عنهما- فقال:(ولقد كنا نحضر عنده فيحدثنا العشية كلها في المغازي). (٢)
(١) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (٢/ ١٩٥)، والبداية والنهاية (٣/ ٢٤٢). (٢) مغازي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعروة بن الزبير ص (٢٣).