وقوله:{قَانِتًا لِلَّهِ} أي: طائعًا خاضعًا لله، مداومًا على ذلك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: «القانت: ... هو الذي يطيع الله دائمًا»(١).
وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال:«إنَّ مُعاذًا كان أُمَّة قانتًا لله، قال: فقال رجل من أشجع يُقال له فروة بن نوفل: نَسِيَ، إنما ذاك إبراهيم، قال: فقال عبد الله: من نسي؟ ! إنما كنا نشبهه بإبراهيم، قال: وسُئِل عبد الله عن الأمَّة، فقال: معلم الخير، والقانت: المطيع لله ورسوله»(٢).
لماذا جاء التعبير في الآية الكريمة بقوله:{كَانَ أُمَّةً} ولم يقل كان إمامًا؟
الجواب: أن هناك فرق بين الأمة والإمام من وجهين:
أحدهما: أن الإمام كل ما يؤتم به، سواء كان بقصده وشعوره أو لا، ومنه سُمي الطريقُ إمامًا، كما في قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ (٧٨) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ} [الحجر: ٧٨، ٧٩]، أي: بطريق واضح ... ولا يسمى الطريق أمة.
الثاني: أن الأمة فيه زيادة معنى وهو الذي جمع صفات الكمال من العلم والعمل، بحيث بقي فيها فردًا وحده، فهو الجامع لخصال تفرقت في غيره، فكأنه باين غيره باجتماعها فيه (٣).
وقوله:{حَنِيفًا} أي: مائلًا عن الشرك، مستقيمًا على التوحيد.
(١) مجموع الفتاوى (٥/ ٢٣٩). (٢) أخرجه ابن جرير في تفسيره (١٤/ ٣٩٤). (٣) ينظر: مفتاح دار السعادة ص (١٧٤).