واستدل أصحاب هذا القول بحديث أم عطية:«نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا»(١).
القول الثالث: جواز زيارة النساء للقبور من غير كراهة:
وهو رواية عن الإمام أحمد (٢).
وحجتهم حديث المرأة التي مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بها وهي تبكي عند قبر، فقال لها:«اتَّقِي الله وَاصْبِرِي». فقالت له: إليك عني؛ فإنك لم تصب بمثل مصيبتي. فانصرف رسول - صلى الله عليه وسلم - عنها، فقيل لها: هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فجاءت إليه تعتذر؛ فلم يقبل عذرها (٣).
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - شاهدها عند القبر ولم ينهها عن الزيارة، وإنما أمرها أن تتقي الله وتصبر.
ولما ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة الطويل، وفيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى أهل البقيع في الليل، واستغفر لهم ودعا لهم، وأنَّ جبريل أتاه في الليل وأمره، فخرج - صلى الله عليه وسلم - مستخفيًا عن عائشة، وزار ودعا، ورجع، ثم أخبرها الخبر؛ فقالت: ما أقول لهم يا رسول الله؟ قال:«قُولِي السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ، مِنَ المؤْمِنِينَ وَالمسْلِمِينَ»(٤).
(١) تقدم تخريجه. (٢) ينظر: الإنصاف للمرداوي (٢/ ٥٦٢). (٣) أخرجه البخاري (٦/ ٢٦١٥) رقم (٦٧٣٥)، ومسلم (٢/ ٦٣٧) رقم (٩٢٦). (٤) صحيح مسلم ٢/ ٦٦٩ رقم (٩٧٤).