أثرَ له في المعنى واختلافِه. ومنْ أمثلةِ القراءاتِ التي وجهَها ما يأتي:
١ - قالَ:«ونَخِرَ العَظْمُ يَنْخَرُ نَخْراً: بَلِيَ، وهو عَظْمٌ نَاخِرٌ ونَخِرٌ، وقد قُرِئَ:{عِظَامًا نَخِرَةً}[النازعات: ١١]، و «نَاخِرَةً»(١)، فمن قرأ:{نَخِرَةً} أراد: باليةً، والله أعلم. ومن قرأ:«نَاخِرَةً» أرادَ: أنَّ الريحَ تَنْخِرُ فيها، فيما يقال، لأنه قد بقيَ منها بقيةٌ» (٢).
٢ - وقال: «والنَّزِيفُ: السكرانُ أيضاً، وهو المُنْزَفُ، وفِي التنزيلِ:{لاَ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنْزِفُونَ}[الواقعة: ١٩]؛ أي: لا يسكَرُونَ، هكذا يقولُ أبو عبيدةَ (٣). وقد قُرِئَ:«يُنْزِفُونَ»(٤)؛ أي: يُنفِدُونَها والله أعلم ...» (٥).
تَحَرُّزُ ابنِ دريدٍ في التفسير:
لقدْ برزتْ لي أثناءَ قراءةِ كتابِ (جمهرةِ اللغةِ) ظاهرةُ تَحَرُّزِ ابنِ دريدٍ (ت:٣٢١) في التَّفسيرِ، بل في نقلِ اللُّغةِ كذلك، ومما يُثبِتُ تَحَرُّزَه ما يأتي:
الأول: أنه قَلَّ أنْ يوردَ تفسيراً مقروناً بآيةٍ دونَ أنْ يَذكرَ عبارةَ: «واللهُ أعلمُ»(٦)، أو ما شابهها؛ كقوله:«والله أعلم بكتابه»(٧).
(١) قرأ عاصم من رواية أبي بكر، وحمزة، ويعقوب: ناخرة، الباقون: نخرة، ينظر: القراءات وعلل النحويين فيها (٢:٧٤٥). (٢) جمهرة اللغة (١:٥٩٣). (٣) مجاز القرآن (٢:٢٤٩). (٤) قرأ حمزة والكسائي وعاصم: «يُنْزِفون»، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمر وابن عامر: «يُنْزَفون». السبعة (ص:٥٤٧). (٥) جمهرة اللغة (٢:٨٢١). (٦) ينظر في الجزء الأول الألفاظ الآتية: أبد (ص:٥٥)، يؤفكون (ص:٥٧)، أحببت (ص:٦٤)، وخطبة (ص:٢٩١)، خبالاً (ص:٢٩٣)، لبداً (ص:٣٠١)، الذنوب (ص:٣٠٦)، خطف (ص:٦٠٩)، الخمط (ص:٦١٠)، وغيرها. (٧) ينظر الألفاظ الآتية، في الجزء الأول: الإدُّ (ص:٥٥)، سبح (ص:٢٧٧)، خشب (ص:٢٩٠)، العوج (ص:٤٨٦)، وحي (ص:٥٧٦)، وغيرها.