كانَ ذلكَ يجيءُ ـ في الغالبِ ـ في تفسيرِه الجمليِ الذي يوردُهُ بعدَ الآيةِ مباشرةً، أو قد يوردُهُ في ترجيحاتِهِ بعد ذِكْرِ أقوالِ المفسرينَ، ومنْ أمثلةِ ذلكَ:
١ - قال:«وقوله: {ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ}[ق: ١٩] يقولُ: هذهِ السكرةُ التي جاءتكَ ـ أيها الإنسانُ ـ بالحقِّ، هو الشيءُ الذي كنتَ تهربُ منهُ، وعنهُ تَرُوغُ»(١).
والحَيدُ: المَيلُ والعدولُ، يقال: حادَ عن الشَّيء يحيدُ حَيدَةً وحُيوداً (٢). وهو معنى الروغانِ الذي فَسَّرَ به، إذ الروغانُ: مَيلٌ، يقال: رَاغَ الرجلُ والثعلبُ رَوغاً ورَوَغَاناً: مالَ وحادَ عن الشَّيءِ (٣).
٢ - وفي قولِه تعالى:{أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى}[القيامة: ٣٧] قالَ: «يقول تعالى ذكره: أَلَمْ يَكُ هذا المنكرُ قدرةَ اللهِ على إحيائِه من بعدِ مماتِه، وإيجادِه من بعدِ فنائِه (نُطْفَةً) يعني: ماءً قليلاً في صلبِ الرجلِ (مِنْ مَنِيٍّ)؟» (٤).
وقال رضيُّ الدِّينِ الصَّغَانِيُّ (ت:٦٥٠): «النُّطْفَةُ: الماءُ الصافي، قليلاً كانَ
(١) تفسير الطبري، ط: الحلبي (٢٦:١٦١). (٢) ينظر: مقاييس اللغة (٢:١٢٣). (٣) ينظر: القاموس المحيط، مادة (روغ). (٤) تفسير الطبري، ط: الحلبي (٢٩:٢٠١). (٥) تهذيب اللغة (٣:٣٦٦). وقد نقله الزبيدي في تاج العروس في مادة (نطف)، وزاد بعد ذلك: «وهو بالقليل أخصُّ» وليس هذا في التهذيب المطبوع، فيحتمل أنه من كلام الزبيدي، أو أنه في النسخة التي اعتمدها من التهذيب، والله أعلم.