الثاني: تذكر كتب الفقه وأحكام القرآن الخلاف في قبول توبة القاتل عمداً، وخلوده في النار.
قال ابن قدامة:«وتوبته مقبولة في قول أكثر أهل العلم. وقال ابن عباس: إن توبته لا تقبل؛ للآية التي ذكرناها، وهي من آخر ما نزل. قال ابن عباس: ولم ينسخها شيءٌ؛ ولأن لفظ الآية لفظ الخبر، والأخبار لا يدخلها نسخ ولا تغيير؛ لأن خبر الله تعالى لا يكون إلَّا صدقاً. ولنا قول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨]، فجعله داخلاً في المشيئة، وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ [الزمر: ٥٣]»(١).
• الحكم الثاني: ذهب بعض أهل العلم إلى نفي ما يسمى بقتل شبه العمد.
قال السيوطي:«فاستدل به من قال لا واسطة بينهما، ونفي القتل المسمى شبه العمد»(٢).
ومأخذ الحكم: سكوت الشارع، حيث إنه سبحانه ذكر الخطأ المحض في قوله: ﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً﴾، وذكر العمد المحض، فقال: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا﴾، ولم يذكر قسماً ثالثاً (٣).
قال ابن قدامة:«وأنكر مالك شبه العمد، وقال ليس في كتاب الله إلا العمد والخطأ، فأما شبه العمد فلا يعمل به عندنا، وجعله من قسم العمد»، ثمَّ قال: «وهو الصواب؛ لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله ﷺ قال: (ألا إن دية
(١) المغني (١١/ ٤٤٣ - ٤٤٤). وينظر: الإكليل (٢/ ٥٨٢)، أحكام القرآن لابن الفرس (٢/ ٢٤٧) تيسير البيان للموزعي (٢/ ٤٥٧ - ٤٥٨). (٢) الإكليل (٢/ ٥٨٣). (٣) ينظر: أحكام القرآن لابن الفرس (٢/ ٢٣٠).