والموعد في هذا البيت اسم للزمان، والكلام في انتصاب مكانًا على هذا الوجه يكون كما ذكرنا في الوجه الأول في موعد؛ لأن التقدير: اجعل بيننا وبينك وقت وعد، أو زمان وعد لا نخلفه نحن ولا أنت في مكان سوى. والذي يختاره أبو علي في وجه نصب {مَكَانًا}: (أن يكون مفعولًا ثانيًا لجعلت بمنزلة قوله: {جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ}[الحجر: ٩١]، وقوله:{وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا}[الزخرف: ١٩]، في أنه انتصب على أنه مفعول ثان لجعلت)(٢). وعلى هذا يجب أن يكون الموعد اسمًا للمكان، ويجوز أن يكون بدلًا منه. وأما معنى (سوى) قال الزجاج: ({مكانا سوى} ويقرأ: سُوى بالضم (٣). ومعناه: مَنْصفًا أي مكانًا يكون النَّصفَ فيما بيننا وبينك، وقد جاء في اللغة سواء ممدود مفتوح بهذا المعنى تقول: هذا مكان سواء، أي متوسط بين المكانين) (٤).
وقال أبو عبيدة: (مكان سُوى وسِوى بضم أوله وبكسر، مثل: طُوى
(١) البيت لعمرو بن أبي ربيعة. انظر: "ديوانه" ص ٣٢٣، "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٢٢٨. (٢) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٢٢٨. (٣) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، والكسائي: (مكانا سِوى) بكسر السين. وقرأ ابن عامر، وعاصم، وحمزة: (مكانا سُوى) بضم السين. انظر: "السبعة" ص ٤١٨، "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٢٢٣، "المبسوط في القراءات" ص ٢٤٨، "التبصرة" ٢٥٩. (٤) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٦٠.