قال مجاهد: كل هذا مَثَلُ إله الحق وما يُدْعَى من دونه من الباطل (٣)
وقال السدي: أما الأبكم فمِثْلُ الصنم؛ لأنه أَبْكَمُ لا ينطق، وهو كَلّ على عابديه؛ يُنْفِقون عليه ولا يُنْفِق هو عليهم ولا يَرْزقُهم، {أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ}: الصنم من شرق أو غرب لا يأت بخير، يقول: لا يرزقهم ولا ينفعهم، {هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ}، والذي يأمر بالعدل: الله تبارك وتعالى، ونحو هذا قال قتادة (٤).
وقال الزجاج: هل يستوي القادرُ التامُ التمييزِ والعاجزُ الذي لا يُحْسِن ولا يأتي بخير، فكيف تُسَوُّون بين الله عز وجل وبين الأحجار (٥).
وقال ابن قتيبة: هذا مَثَلُ آلهتهم؛ لأنها بُكْمٌ صُمّ عُمْيٌ، ثِقْلٌ على من عبدَها في خدمتها، وهي لا تأتيه بخير (٦).
ثم قال:{هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} فجعل هذا المَثَلَ لنفسه، وقال في قوله:{وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ} هذا مثل للصنم الذي عبدوه، {وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ}؛ لأنه يحمله إذا ظَعَن، وُيحَوِّلَه من مكان إلى مكان إذا تحرك، فقال الله تعالى:{هَلْ يَسْتَوِي}:
(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢١٤. (٢) "الغريب" لابن قتيبة ١/ ٢٤٨. (٣) سبق توثيقه. (٤) أخرجه الطبري ١٤/ ١٥٥، بنحوه عن قتادة، و"الدر المنثور" ٤/ ٢٣٥ - ٢٣٦، وعزاه إلى ابن أبي حاتم، بنحوه عن السدي. (٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢١٤، بنصه. (٦) "تأويل مشكل القرآن" ص ٣٨٥، بنحوه تقريبًا.