الزجاج (١)، قال: المعنى يصفون أن لهم مع قولهم هذا القبيح من الله الجزاء الحسن (٢)، فحصل في {الْحُسْنَى} هاهنا قولان؛ الأول: على أنهم قالوا: لله البنات ولنا البنون، والثاني: على أنهم حكموا لأنفسهم بالجنة والثواب من الله إن كان محمد صادقًا (٣) في البعث؛ لأنهم كانوا لا يؤمنون بالمعاد، ولعل الأقرب في تفسير الحسنى: الجنة، وفي الآية ما يدل على هذا، وهو قوله:{لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّار}، فردَّ عليهم قولَهم وأثبت لهم النار، فدلّ هذا أنهم حكموا لأنفسهم بالجنة، قال الزجاج:(لا) ردٌّ لقولهم، المعنى ليس ذلك كما وصفوا، جَرَمَ فعلُهم هذا، أي كَسَبَ النارَ (٤)، فعلى هذا (أنَّ) يكون في محل النصب بوقوع الكسبِ عليه، وقال قطرب:(أنَّ) في موضع رفع، المعنى: وجب أنَّ لهم النار (٥) , وقيل: لا بُدَّ ولا محالةَ أن لهم النّار، وذكرنا فيما تقدم استقصاء الكلام في هذا الحرف (٦).
وقوله تعالى:{وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ} أي مُتْرَكون (٧) مَنْسِيُّون في النار، قاله الكلبي ومجاهد والضحاك (٨).
(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٠٧، بنصه. (٢) في (أ)، (د): (الحسنى)، والمثبت من (ش)، (ع)، وهو الموافق للمصدر. (٣) في (أ)، (د): (صادق) وهو خطأ نحوي ظاهر، لعله من النساخ، والمثبت من (ش)، (ع). "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٥٨ ب. (٤) أي: كَسَبَ فعلُهم هذا لهم النارَ. (٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٠٧، بتصرف يسير. (٦) سورة هود: الآية [٢٢]، و"تفسير السمرقندي" ١/ ١٦٩، والنحل الآية [٢٣]. (٧) هكذا في جميع النسخ، ولعلها (متروكون) كما في "مجاز القرآن" ١/ ٣٦١، و"تفسير الطبري" ١٤/ ١٢٧، و"الحجة للقراء" ٥/ ٧٣. (٨) "تفسير مجاهد" ص ٤٢٢، بنصه، وأخرجه الطبري ١٤/ ١٢٨ من ثلاث طرق عن مجاهد بلفظ: مَنْسيون، وعن الضحاك بلفظ: متروكون في النار، ورد في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ٧٩، بلفظه عن مجاهد، و"تفسير الماوردي" ٣/ ١٨٦، بلفظه عن مجاهد والضحاك، والطوسي ٦/ ٣٩٥، بنصه عن مجاهد والضحاك، وانظر: "تفسير ابن عطية" ٨/ ٤٥٢، عن مجاهد، وأبي حيان ٥/ ٥٠٦ عن مجاهد، وابن كثير ٢/ ٦٣٢، عن مجاهد.