[المطلب الثاني: ذكر نصوص السنة الدالة على الاستشفاء بالقرآن وبيانها.]
لقد جاءت سنة النبي ﷺ دالة على مشروعية الاستشفاء بالقرآن الكريم من قوله وفعله وتقريره، وفيما يلي ذكر جملة من الأحاديث الدالة على ذلك:
الحديث الأول: ما اتفق عليه الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري ﵁ قال: انطلق نفر من أصحاب النبي ﷺ في سفرة سافروها، حتى نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم، فأبوا أن يضيفوهم، فلدغ (١) سيد ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء، لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم شيء، فأتوهم، فقالوا: يا أيها الرهط، إن سيدنا لدغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم (٢): نعم، والله إني لأرقي، ولكن - والله- لقد استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براق لكم، حتى تجعلوا لنا جعلا (٣)، فصالحوهم على قطيع من الغنم (٤)، فانطلق يتفل عليه، ويقرأ: ﴿الحمد لله رب العالمين﴾ (٥)، فكأنما نشط من عقال (٦)، فانطلق
(١) جاء في بعض الروايات أن الذي لدغته عقرب، انظر مسند الإمام أحمد بن حنبل: (١٧/ ١٢٤) ح (١١٠٧٠)، وسنن الترمذي: (٤/ ٣٩٨) ح (٢٠٦٣). (٢) هو أبو سعيد الخدري، كما جاء مصرحا به في المرجعين السابقين وغيرهما. (٣) الجعل: بضم الجيم وسكون المهملة، هو: ما يجعل للإنسان من المال على عمل، انظر: عون المعبود: (١٠/ ٢٨٠). (٤) وعددها ثلاثون، بعدد ركب الصحابة، كما في مسند الإمام أحمد بن حنبل: (١٧/ ١٢٤) ح (١١٠٧٠)، وسنن الترمذي: (٤/ ٣٩٨) ح (٢٠٦٣)، إلا أنه ليس عنده عدد الركب، والسنن الكبرى: (٤/ ٣٦٤) ح (٧٥٣٢)، وسنن ابن ماجة: (٢/ ٧٢٩) ح (٢١٥٦). (٥) جاء في مسند أحمد: (١٧/ ١٢٤) ح (١١٠٧٠)، وسنن الترمذي: (٤/ ٣٩٩) ح (٢٠٦٤)، وسنن ابن ماجة: (٢/ ٧٢٩) ح (٢١٥٦): أنه قرأها سبع مرات. (٦) نشط: بضم النون وكسر المعجمة، أي: حل أو أقيم بسرعة، والعقال: بكسر المهملة بعدها قاف، هو: الحبل الذي يشد به ذراع البهيمة، انظر: فتح الباري: (٤/ ٥٣٢).