بَعْدَ وَفَاتِهِ، [حَدِيثَ] (١) عَائِشَةَ قَالَتْ: (تُوفِّيَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَمَا فِي بَيْتِي شَيْءٌ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلَّا شَطْرَ شَعِيرٍ فِي رَفٍّ لِي) (٢) الحَدِيثَ … فَتَجَاوَزَ لَهُ مِنِّي (٣) بِأَنَّهُ كَالظَّوَاهِرِ، فَقَالَ لِي حَفِظَهُ اللهُ: مَا مَعْنَى: (فَكِلْتُهُ فَفَنِيَ)؟ فَذَكَرْتُ لَهُ مَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ اللَّفْظِ، فَقَالَ: أَلَيْسَ النَّبِيُّ ﷺ قَالَ: (كِيلُوا طَعَامَكُمْ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ) (٤)؟
فَاسْتَصْعَبَ عَلَيَّ الأَمْرُ، وَوَقَفَ جَمَادِي، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ: أَمَّا قَوْلُهُ: (كِيلُوا طَعَامَكُمْ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ) أَيْ: كِيلُوا عِنْدَ البَيْعِ وَالشَّرْيِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: (فَكِلْتُهُ فَفَنِي)، فَهُوَ لِأَنَّ الكَيْلَ عِنْدَ التَّفْقِيرِ مَكْرُوهٌ (٥).
فَزَادَ فِيَّ هَذَا حِرْصًا، وَحَمَلَنِي عَلَى أَنْ أَسْتَأْنِفَ قِرَاءَةَ الكِتَابِ، وَأَتَفَقَّدَ ظَوَاهِرَهُ بِاسْتِقْصَاءِ مَا فِيهَا مِنَ الْمَعَانِي الدَّقِيقَةِ عَنِ الْفَهْمِ، فَفَعَلْتُ حَتَّى تَمَّ لِي قِرَاءَةُ هَذَا الكِتَابِ عَلَيْهِ، فَمَا مِنْ حَدِيثٍ إِلَّا وَقَدْ أَطْلَعَنِي فِيهِ مِنَ الفَوَائِدِ عَلَى مِثْلِ مَا ذَكَرَهُ لِي فِي المَثَالِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ، فَأَطَالَ اللهُ بَقَاءَهُ، وَلَا حَرَمَ أَهْلَ العِلْمِ غَزِيرَ بَحْرِ [هِ] (٦)، وَلَا أَخْلَاهُمْ مِنْ فَوَائِدِ عِلْمِهِ، وَسَائِحِ فِكْرِهِ، فَهُوَ [الجَامِعُ] (٧) لِأَطْرَافِ العُلُومِ، الْمُسَيْطِرُ عَلَيْهَا، الْمُسَلَّطُ عَلَى بَيَانِ مَا فِيهَا مِنَ الْمُشْكِلَاتِ، الْمَرْجُوعُ إِلَيْهِ فِيمَا يَقَعُ فِي الدِّينِ مِنَ الْمُعْضِلَاتِ، وَأَقُولُ: [من الطَّوِيلُ]
(١) طمسٌ في المخْطُوط، وَلَعلَّ الصَّواب ما أثبته.(٢) أخرجه البخاري، (رقم: ٣٠٩٧)، ومسلم: (رقم: ٢٩٧٣) من حديثِ عَائشة ﵂.(٣) كذا في المخْطُوط.(٤) أخرجه البُخَاري في صحيحه (رقم: ٢١٢٨).(٥) كذا في المخْطُوط!(٦) سَقَطت الهاءُ مِنَ النَّاسِخ.(٧) في المخْطُوط خَرْمٌ بِسَبِب الأرَضَة، والمثْبَتُ مُوَافِقٌ لِسِيَاق الكلام.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute