وَعَلَى نَحْوٍ مِنْ هَذَا سَارَ فِي مُؤَلَّفَاتِهِ، فَقَالَ فِي السِّيَرِ: "الإِمَامُ، الحَافِظ، الصَّدُوقُ" (١)، وَقَالَ فِي مَوْطِنٍ: "صَدُوقٌ مَشْهُورٌ، ذُو غَرَائِبَ، وَسَمِعَ مِنْهُ الشَّيْخَانِ" (٢)، وَقَالَ فِي الْمِيزَانِ: "مُحَدِّثٌ مُكْثِرٌ، فِيهِ لِينٌ" (٣)، وَفِي تَارِيخ الإِسَلَام: "اسْتَقَرَّ الأَمْرُ عَلَى تَوْثِيقِهِ، وَتَجَنُّبِ مَا يُنْكَرُ لَهُ" (٤).
وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: "احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ، إِلَّا أَنَّهُمَا لَمْ يُكْثِرَا مِنْ تَخْرِيج حَدِيثِهِ، وَلَا أَخْرَجَ لَهُ البُخَارِيُّ مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ سِوَى حَدِيثَيْنِ، وَأَمَّا مُسْلِمٌ فَأَخْرَجَ لَهُ أَقَلَّ مِمَّا أَخْرَجَ لَهُ البُخَارِيُّ" (٥).
وَالبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ إِنَّمَا رَوَيَا لَهُ قَلِيلًا مِنْ صَحِيحِ أُصُولِهِ، وَقَدْ بَيَّنَ الأَئِمَّةُ وَجْهَ إِخْرَاجِ البُخَارِيِّ لِأَحَادِيثِهِ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: "رُوِّينَا فِي مَنَاقِبِ البُخَارِيِّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ أَخْرَجَ لَهُ أُصُولَهُ، وَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَنْتَقِيَ مِنْهَا، وَأَنْ يُعَلِّمَ لَهُ عَلَى مَا يُحَدِّثُ بِهِ لِيُحَدِّثَ بِهِ، وَيُعْرِضَ عَمَّا سِوَاهُ، وَهُوَ مُشْعِرٌ بِأَنَّ مَا أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ عَنْهُ هُوَ مِنْ صَحِيحِ حَدِيثِهِ، لِأَنَّهُ كَتَبَ مِنْ أُصُولِهِ، وَعَلَى هَذَا لَا يُحْتَجُّ بِشَيْءٍ مِنْ حَدِيثِهِ غَيْرَ مَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَجْلِ مَا قَدَحَ فِيهِ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ، إِلَّا إِنْ شَارَكَهُ فِيهِ غَيْرُهُ فَيُعْتَبَرُ بِهِ" (٦).
(١) المصدر السَّابق.(٢) من تكلم فيه وهو موثق (ص: ١٠٣).(٣) ميزان الاعتدال (١/ ٢٢٢).(٤) تاريخ الإسلام (٥/ ٥٣٤).(٥) هُدى السَّاري (ص: ٣٨٨).(٦) هدى الساري (ص: ٣٨٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute