وَأَفْعَال كَأَوْسَاق، وَأَفْعِلَةٌ كَأَجْرِبَةٍ فِي جَمْع جَرِيبٍ، وَفِعْلَةٍ كَصِبْيَةٍ فِي جَمْعِ صَبِيِّ.
فَأَمَّا أَفْعُلٌ وَأَفْعَالٌ فَالثُّلَاثِي، وَأَفْعِلَةٌ وَفِعْلَةٌ لِمَا زَادَ عَلَى الثُّلاثِي، وَلَيْسَ فِي أَدْنَى العَدَدِ أَخَفُّ مِنْ أَفْعُل، فجُعل (١) ذَلِكَ لِجَمْع فَعْلٍ؛ لأَنَّ فَعْلًا أَخَفُّ الأَبْنِيَةِ الثُّلَاثِيَّةِ، وَجُعِلَ أَفْعَال لِسَائِرِ الأَبْنِيَةِ الثُّلاثِيَّةِ، وَأَفْعِلَةٌ وَفِعْلَةٌ ثَقِيلَان؛ لِمَكَانِ حَرْفِ التَّأْنِيثِ فِيهِمَا، فَجُعِلَا لِمَا زَادَ عَلَى الثُّلاثِي" (٢).
وَالحَقُّ أَنَّ هَذِهِ الْمَعْرِفَةَ أَهْلَتِ الإِمَامَ قِوَامَ السُّنَّةِ ﵀ لِحُسْنِ شَرْحِ الحَدِيثِ، فَتَرَاهُ يُدْلِي بِدَلْوِهِ فِي إِعْرَابِ بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، وَيَسْتَعِينُ بِهَا فِي جَلَاءِ الْمُرَادِ، وَالتَّرْجِيحِ بَيْنَ الوُجُوهِ وَالرَّوَايَاتِ، وَلَمْ يُخْلِ شَرْحَهُ هَذَا مِنَ التَّنْبِيهِ عَلَى بَعْضٍ القَضَايَا النَّحْوِيَّةِ، مَعَ الاِسْتِعَانَةِ بِنَقْل كَلَامِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ الْمُبَرَّزِينَ (٣).
أَمَّا الشَّعْرُ العَرَبِيُّ فَقَدْ أَخَذَ مِنْهُ إِمَامُنَا قِوَامُ السُّنَّةِ بِحَظٍّ وَافِرٍ؛ وَاعْتَنَى بِهِ عِنَايَةً فَائِقَةً، وَلَا عَجَبَ فِي ذَلِكَ، فَقَدِ اشْتَهَرَ أَنَّ الشِّعْرَ دِيوَانُ العَرَبِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْلَمَ الْمُرَادُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِعِ إِلَّا مِنْ جِهَةِ مَعْرِفَةِ اللِّسَانِ العَرَبِيِّ، كَمَا أَنَّهُ لَا يُعْدَلُ عَنِ الْمُرَادِ إِلَّا بِالجَهْلِ بِاللِّسَانِ العَرَبِيِّ، وَرَحِمَ اللهُ الإِمَامَ الْمُطَّلِبِيَّ مُحَمَّدَ بنَ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيَّ إِذْ يَقُولُ: "لَا يَعْلَمُ مِنْ إِيضَاحِ جُمَلِ عِلْمِ الكِتَابِ أَحَدٌ، جَهِلَ سَعَةَ لِسَانِ العَرَبِ، وَكَثْرَةَ وُجُوهِهِ، وَجِمَاعَ مَعَانِيهِ، وَتَفَرُّقَهَا، وَمَنْ عَلِمَهُ انْتَفَتْ عَنْهُ الشُّبَهُ الَّتِي دَخَلَتْ عَلَى مَنْ جَهِلَ لِسَانَهَا" (٤).
(١) في مخطوط التحرير: (فجمع)، وهو تصحيف من الناسخ، والصواب ما أثبته.(٢) التحرير (ص: ١١٧).(٣) ينظر ما كتبته في الباب الثاني.(٤) الرسالة (ص: ٥٠)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute