أَنْ يُوَظِّفُهَا فِي التَّرْجِيحِ بَيْنَ الْأَقْوَالِ، وَالْمُوَازَنَةِ بَيْنَ الآرَاءِ عِنْدَ الاخْتِلَافِ، سَالِكًا فِي ذَلِكَ طَرِيقَ الإِنْصَافِ، مُجَانِبًا لِلتَّعَصُّبِ وَالاعْتِسَافِ.
وَكَانَ ﵀ يُدْلِي بِدَلْوِهِ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ، فَلَا تَرَاهُ يُحْجِمُ عَنْ تَأْكِيدِ اخْتِيَارَاتِهِ، وَتَقْدِيمِ قَنَاعَاتِهِ؛ شَأْنُهُ فِي ذَلِكَ شَأْنُ العَالِمِ الْوَاثِقِ مِنْ سَدَادِ آرَائِهِ، وَلَمْ يَكُنْ مُتَعَصِّبًا لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الَّذِي نَشَأَ عَلَيْهِ؛ بَلْ كَانَ يَدُورُ مَعَ الدَّلِيلِ حَيْثُ دَارَ كَمَا سَتَأْتِي الإِشَارَةُ إِلَيْهِ عِنْدَ الحَدِيثِ عَنْ مَنْهَجِهِ فِي كِتَابِهِ.
وَيَكْفِي لِبَيَانِ مُشَارَكَتِهِ فِي عِلْمٍ أُصُولِ الفِقْهِ، وَالتَّأْكِيدِ عَلَى قُوَّةِ عَارِضَتِهِ فِيهِ، بَحْثٌ نَفِيسٌ ذَكَرَهُ ﵀ فِي أَوَّلِ كِتَابِ البُيُوعِ فِي شَرْحِهِ لِأَحَادِيثِ الجَامِعِ الصَّحِيحِ لِلْبُخَارِيِّ عِنْدَ كَلَامِهِ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ (١)، فَقَدِ اسْتَطْرَدَ ﵀ فِي بَيَانِ مَا تَضَمَّنَتُهُ الآيَةُ مِنْ مَبَاحِثِ عِلْمِ الأُصُولِ.
وَفِيمَا يَلِي نَصُّ ذَلِكَ البَحْثِ أَسُوقُهُ - عَلَى طُولِهِ - لِأَهَمِّيتِهِ فِي تَقْرِيرِ تَمَكُّنِ الإِمَامِ قِوَامِ السُّنَّةِ ﵀ مِنْ قَضَايَا الدَّرْسِ الأُصُولِيِّ، قَالَ ﵀: "قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ (٢)، فَنَهَى عَنْ أَكْلِ المَالِ بِالبَاطِلِ وَاسْتَثْنَى التَّجَارَةَ، فَثَبَتَ جَوَازُهَا.
وَنَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ بَيْعِ الغَرَرِ، فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ مَا لَيْسَ بِغَرَرٍ.
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ (٣) أَحَلَّ كُلَّ بَيْعٍ تَبَايَعَهُ المُتَبَايِعَانِ جَائِزَا
(١) سورة البقرة، الآية: (٢٧٥).(٢) سورة النساء، الآية: (٢٩).(٣) سورة البقرة، الآية: (٢٧٥)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute