وَإِنَّمَا تَكُونُ لِمَنْ حَصَّلَ الرِّوَايَاتِ وَالأَسَانِيدَ، وَمَهَرَ فِي شِقّي الرِّوَايَةِ وَالدِّرَايَةِ، وَصَارَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِطَبَقَاتِ الرُّوَاةِ، وَخِبْرَةٌ بِمَرَاتِبِهِمْ جَرْحًا وَتَعْدِيلًا، حَتَّى تَكُونَ لَهُ مَلَكَةٌ تُؤَهِّلُهُ لِأَنْ يُذْكَرَ فِي صُفُوفِ الْمُحَدِّثِينَ الْمَهَرَةِ، وَالحُفَّاظِ النَّقَدَةِ.
وَيَدُلُّ لِشَغَفِهِ ﵀ بِكُتُبِ السُّنَّةِ، وَحِرْصِهِ عَلَى قِرَاءَتِهَا مَا نَقَلُهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ ﵀ عَنْ تِلْمِيذِهِ السَّمْعَانِيِّ ﵀ قَالَ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الفَضْلِ التَّيْمِيَّ الحَافِظَ يَقُولُ: قَرَأْتُ المَسَانِيدَ كَـ (مُسْنَدِ العَدَنِيِّ)، وَ (مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ)، وَهِيَ كَالأَنْهَارِ، وَ (مُسْنَدُ أَبِي يَعْلَى) كَالْبَحْرِ يَكُونُ مُجْتَمَعَ الأَنْهَارِ" (١).
وَعَلَّقَ الذَّهَبِيُّ ﵀ عَلَى هَذِهِ الحِكَايَةِ بِمَا يُوافِقُ قَوْلَ الإِمَامِ قِوَامِ السُّنَّةِ، فَقَالَ: "قُلْتُ: صَدَقَ، وَلَا سِيَمَا (مُسْنَدُهُ) الَّذِي عِنْدَ أَهْلِ أَصْبَهَانَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْمُقْرِئ عَنْهُ، فَإِنَّهُ كَبِيرٌ جِدًّا، بِخِلَافِ (الْمُسْنَدِ) الَّذِي رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَمْرِو بن حَمْدَانَ عَنْهُ، فَإِنَّهُ مُخْتَصَرٌ" (٢).
كَمَا كَانَ ﵀ حَرِيصًا عَلَى تَحْصِيلِ الكُتُبِ الْمُؤَلِّفَةِ فِي عُلُومِ الحَدِيثِ وَقَوَانِين الرِّوَايَةِ، وَجَلَسَ لإِقْرَائِهَا وَتَسْمِيعِهَا، فَقَدْ ذَكَرَ الإِمَامُ ابْنُ نُقْطَة فِي تَرْجَمَةِ أَسْعَدَ بن أَبِي الفَضَائِلِ مُحَمَّدٍ العِجْلِيُّ أَنَّهُ "سَمِعَ مَعْرِفَةَ عُلُومِ الحَدِيثِ لِلْحَاكِمِ مِنْ أَبِي القَاسِمِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ" (٣).
وَحَكَى الذَّهَبِيُّ نَظِيرَ هَذِهِ الحِكَايَةِ عَنْ تِلْمِيذِهِ الحَافِظِ أَبِي مُوسَى المَدِينِي،
(١) سير أعلام النبلاء (١١/ ١٨٠)، وتذكرة الحفاظ (٢/ ٢٠٠).(٢) سير أعلام النبلاء (١١/ ١٨٠).(٣) التقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد (ص: ٢١٤)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute