قوله:"تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ" هو مصدر، حَرُم يَحْرُمُ، ويَشْكُلُ استعمالُه هاهنا؛ لأنّ التكبير جزءٌ منها، فكيف يحرمها؟ فقيل: مجازُه (٢) إحرامها، يقال: أحرمَ الرَّجُلُ، إذا دخل في الشّهر الحرام، أو البلد الحرام؛ ولمّا كانتِ الصّلاةُ تحَرَّمُ أشياء قيل لأوّل ذلك - وهو التكبير-: إحرام، واتبع الأوّل الثّاني، كما قالوا: أتَيْتُه بالغدايا والعشايا ونحوه.
ويحتمل أنّ يجعلَها حرامًا لا يجوز أنّ يُفْعَلَ فيها شيءٌ (٣) من غيرها، كما يقال: بلدٌ (٤) حرامُ وشهرٌ حرامٌ.
الأحكام:
وفيه خمس مسائل:
الأُولى (٥): قولُه: "تَحْرِيمُهَا التَّكبِيرُ" يقتضي أنَّ تكبيرةَ الإحرام جُزءٌ من أجزائها، كالقيام والرُّكوع والسُّجود، خلافًا لسعيد والزُّهريّ اللّذين يجعلانها سُنَّة، ويقولان: الإحرامُ يكون بالنِّيَة، وقد قال النبيُّ عليه السّلام:"الأعمالُ بالنِّيات"(٦)، والصّلاةُ أصلُ الأعمالِ، والتَّكبيرُ أوَّلُها، فاقتضى ذلك كونها منها بعد النِّية.
المسألة الثّانية (٧):
قوله:"التكبِيرُ" يقتضي اختصاص إحرام الصّلاة بالتَّكبير، دونَ غيرِه من صفات تعظيم اللهِ وجَلاَلِه، وهو تخصيصٌ لعُمومِ قوله:{وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى}(٨). فَخُصَّ التَّكبيرُ بالسُّنَّة من الذِّكر المُطْلَقِ في القرآن، لا سيّما وقد اتّصل في ذلك فِعْلُه بقَوْلِهِ، فكان يكبِّر صلّى الله عليه وسلّم ويقول:"الله أكبر".
وقال أبو حنيفة: يجوز بكلِّ لفظ فيه تعظيم الله، لعموم القرآن (٩)، وقد بيَّنِّا أنّه
(١) انظره في العارضة: ١/ ١٧. (٢) في النسخ "مجاز" والمثبت من العارضة. (٣) م: "أنّ يفعَلَ فيها شيئًا". (٤) في النسخ: "هذا" والمثبت من العارضة. (٥) انظرها في العارضة: ١/ ١٧. (٦) رواه البخاريّ (١) من حديث عمر بن الخطّاب. (٧) انظرها في العارضة: ١/ ١٧. (٨) الأعلى: ١٥. (٩) انظر كتاب الأصل: ١/ ١٤، ومختصر اختلاف العلماء: ١/ ٢٥٨، والمبسوط: ١/ ٣٥ - ٣٦.