وأمّا قوله:"مِن شَعْرِ ذِراعَيْهِ" فإضافته إضافة ملكٍ، كما تقول سماءُ اللهِ وأرضُ اللهِ، وكذلك ذِرَاعَيْهِ.
وقوله (١): "كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ" معناه: أنّ إحداهما لا تنقص عن الأخرى.
قال الإمام: ولمِثْلِ هذا وأشباهه مِمَّا لا يجوز على الله صَرَّحَ أحمد بن حنبل في تأويل ثلاثة أحاديث فقط:
أحداهما - قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "الحَجَرُ الأسْوَدُ يمينُ الله في الأرْضِ"(٢).
الثّاني - قولُه -صلّى الله عليه وسلم-: "إنِّي لأجِدُ نفسَ الرَّحمن مِنْ قِبَلِ اليَمِينِ"(٣).
الثّالث - قولُه - صلّى الله عليه وسلم -: "قَلْبُ المُؤْمنِ بينَ إصْبعَيْنِ من أَصَابِعِ (٤) الرَّحمنِ".
قال: هذا يستحيل على الله فينبغي أنّ يردّ إلى قانون للتّأويل، وكان أسلم له.
حديثٌ رابعٌ:
قوله:"يضحكُ اللهُ إلى رَجُلَيْنِ يقتلُ أحدهما الآخر، كلاهما يدخل الجَنَّة، يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل، ثمّ يتوبُ اللهُ على القاتلِ فَيُقْتَلُ شَهِيدًا"(٥).
شَرْحُهُ:
معناه: يُظْهِر لَهُما أدلّة الكرامة وعلامات الرِّضَا، كما يفعل الضَّاحك منَّا لِمَا يُسَرُّ به (٦).
(١) أي قوله - صلّى الله عليه وسلم - في حديث مسلم (١٨٢٨) عن عبد الله بن عمرو. (٢) أخرجه من حديث جابر: ابن عدي في الكامل: ١/ ٣٤٢، والخطيب في تاريخ بغداد: ٦/ ٣٢٨، وابن الجوزي في العلل المتناهية: ٢/ ٥٧٥ وقال: "هذا الحديث لا يصحّ". (٣) أورده علي القاري في المصنوع في معرفة الحديث الموضوع: ٦٩ ونقل عن العراقي قوله: "لم أجد له أصلًا". (٤) أخرجه مسلم (٢٦٥٤) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، بلفظ: "إنّ قلوب بني آدم كلَّها بين إصبعين من أصابع الرّحمن". (٥) أخرجه البخاريّ (٢٨٢٦)، ومسلم (١٨٩٠) من حديث أبي هريرة. (٦) جـ: "يَسرُّهُ". (٧) أخرجه أحمد: ٤/ ١٥١، وأبو يعلى (١٧٤٩) من حديث عُقْبَة بن عامر، وذكر الهيثمي في مجمع =