o (الوجه الثاني من وجهي (لا)): أنها مزيدة، لأنه لا يترتب على الاغتمام انتفاء الحزن، فهي هنا كهي في قوله تعالى:{لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ}[الحديد: ٢٩]؛ قاله أبو البقاء، وقد تقدَّم جواب هذا.
والثاني من وجهي تعلق اللام: أنها متعلقة بقوله: {وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ}؛ أعلمهم الله تعالى بذلك ليسليهم عما فاتهم وعما أصابهم من الغم، وهذا وإن كان جائزًا في المعنى إلا أن فيه بُعدًا لطول الفصل بين العامل والمعمول" (٢).
• ترجيح السمين الحلبي ووجه الترجيح:
يرجِّح السمين الحلبي أن لام التعليل متعلقة بالإثابة، لأنه استبعد القول الآخر بطول الفصل (٣)، ثم إنه يرجِّح أن (لا) نافية، وذلك يظهر من ثلاثة وجوه:
الأول: أنه قال في أول الأمر عنها (أنها على بابها من كونها نافية غير مزيدة)، وهو بهذا ينوِّه بالقاعدة التي يرجِّح بها، وهي قاعدة: "إذا أمكن بقاء الشيء على موضوعه فهو أولى".
الثاني: أنه طرح الإشكال عليها وجعل الجواب عنه شأنًا من شؤونه بقوله: (وأجبتُ عنه)، فكأن القول قوله وهو يدافع عنه.
الثالث: أنه ذكر علة القول الآخر بكون (لا) مزيدة، وذلك في قوله:(لأنه لا يترتب على الاغتمام انتفاء الحزن)، ولم يذكر له علة غير هذه، ثم ذكر أنه قد أجاب عن هذه العلة بقوله:(وقد تقدَّم جواب هذا)، فهو ينفي علة هذا القول، فهو ساقط عنده.
• دراسة المسألة:
[١) مذاهب أهل العلم في المسألة]
اتفق أكثر المفسرين على أن قوله تعالى {لِّكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا
(١) المحرر الوجيز لابن عطية (١/ ٥٢٧). (٢) القول الوجيز، (آل عمران: ١٠٦ – ١٥٦)، تحقيق: يعقوب مصطفى سي (ص: ٤٢٩ – ٤٣٠). (٣) وكذلك استبعده في الدر المصون (٣/ ٤٤٣).