[المسألة الثانية: الفرق بين الغلظة والفظاظة]
قال الله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: ١٥٩]
• أصل الخلاف في المسألة:
هذه مسألة بلاغية في الفرق بين الغلظة والفظاظة، ومناسبة تقديم الفظاظة أولًا.
• نص المسألة:
قال السمين الحلبي رحمه الله: "وعن الغِلظة تنشأ الفظاظة، فلِمَ قُدِّمت عليها؟
فقيل: قُدِّم ما هو ظاهر للحس على ما هو خافٍ في القلب، لأن الفظاظة كما تقدم: الجفوةُ في المعاشرة قولًا وفعلًا، والغِلظة: قساوة القلب.
ومن هذا يخرج جوابٌ عن سؤال، وهو: ما الحكمة في الجمع بين الفظاظة والغِلظة وهما بمعنى؟
فيجاب بما قدمناه من المغايرة، وهو أحسن من قول من قال إنه جُمع بينهما تأكيدًا" (١).
• ترجيح السمين الحلبي ووجه الترجيح:
يرجِّح السمين الحلبي وجود فرقٍ بين الغلظة والفظاظة، وأن الجمع بينهما ليس من قبيل الجمع بين المترادفين لأجل التأكيد، وهذا يظهر من وجهين:
الأول: أنه قدَّم الفرق بينهما وأثبت أن الفظاظة تنشأ عن الغلظة.
الثاني: لفظ الترجيح (أحسن) الدال على تفضيل القول الأول على الثاني (٢).
(١) القول الوجيز، (آل عمران: ١٥٧ إلخ)، تحقيق: وائل بن محمد بن علي جابر (ص: ١١٣).(٢) وقد ذكر السمين الحلبي هذين الوجهين في الدر المصون كذلك (٣/ ٤٦٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute