المسألة في رعاية وحفظ جناب النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أن الآية تضمنت النهي عن الاغترار، و"النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز عليه الاغترار، فكيف خوطب بهذا؟ "(١).
• نص المسألة:
قال السمين الحلبي رحمه الله: "والخطاب كما قلنا لكل من يتأتَّى منه ذلك.
وقال الزمخشري:«الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو لكل أحد … »، ثم قال بعد كلامه: «فإن قلت: كيف جاز أن يغتر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يُنهى عن الاغترار؟ قلت: فيه وجهان:
أحدهما: أن مِدرَة القوم ومتقدمهم يُخاطب بشيءٍ فيقوم خطابه مقام خطابهم جميعا، فكأنه قيل: لا يغرنكم.
والثاني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان غير مغرور بحالهم، فأكَّد عليه ما كان عليه وثُبِّت على التزامه، كقوله:{وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ}[هود: ٤٢](٢)، وقوله:{وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[يونس: ١٠٥]، وقوله:{فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ}[القلم: ٨] … » (٣).
وحاصل ما ذكره: أن الرسول مخاطبٌ بذلك والمراد أمته، لكن وُجِّه الخطاب إليه لأن العادة قاضيةٌ بخطاب سيد القوم ومُقدَّمهم.
والثاني: أنه له ولكن على سبيل التأكيد والدوام، ومثله في المعنى قول الآخر:
قد يُهَزُّ الحسام وهو حسام ويُحَثُّ الجواد وهو جواد
وتحصَّل أيضًا في المخاطب ثلاثة أوجه:
(١) تفسير الماوردي (١/ ٤٤٤). (٢) لا يظهر صحة الاستشهاد بهذه الآية هنا، لأنها في ابن نوح الذي كان مع الكافرين حقًّا: {يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين}، وجاء بدلها في نسخة الكشاف في حاشية الطيبي (٤/ ٣٩٤): {ولا تكونن ظهيرًا للكافرين}. (٣) الكشاف للزمخشري (١/ ٤٥٧ - ٤٥٨).