(وفي روايةٍ لأبي داودَ، والنسائيِّ عن أبي هريرةَ مرفُوعًا: لا تحلفُوا بآبائِكم، ولا بأمهاتِكم، ولا بالأندادِ). الندُّ بكسرِ أولهِ المِثْلُ، والمرادُ هنا أصنامُهم وأوثانُهم التي جعلُوها للَّهِ (تعالَى) أمثالًا لعبادتِهم إيَّاها وحَلِفِهِمْ بها، نحوَ قولِهِم: واللاتِ والعُزَّى، (ولا تحلفُوا باللهِ إلا وأنتُم صادقونَ). الحديثانِ [دليلان](٥) على النَّهْي عن الحلفِ بغيرِ اللهِ تعالَى، وهوَ للتحريمِ كما هوَ أصلُه، وبهِ قالتِ الحنابلةُ والظاهريةُ (٦).
قالَ ابنُ عبدِ البرِّ (٧): لا يجوزُ الحلفُ بغيرِ اللهِ تعالَى بالإجماعِ. وفي روايةٍ عنهُ: أن اليمينَ بغيرِ اللهِ مكروهةُ مَنْهِيٌّ عنْها لا يجوزُ لأحدِ الحلفُ بها. وقولُه: لا يجوزُ، بيانُ أنهُ أرادَ بالكراهةِ التحريمَ كما صرَّحَ بهِ أولًا، وقالَ الماورديُ: لا يجوزُ لأحدٍ أنْ يحلِّفَ بغيرِ اللهِ (تعالَى) لا بطلاقٍ، ولا [بعتاق](٨)، ولا نذرٍ، وإذا حلَّفَ الحاكمُ أحدًا بذلكَ وجبَ عزلُه. وعندَ جمهورِ الشافعيةِ، والمشهورُ عن المالكيةِ أنهُ للكراهةِ، ومثلُه للهادويةِ ما لم يسوِّ في التعظيمِ.
(١) برقم (٦/ ١٢٨٥) من كتابنا هذا. (٢) في (ب): "يأتي". (٣) في "السنن" (٣٢٤٨). (٤) في "السنن" (٣٧٦٩). قلت: وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ٢٩)، وابن حبان (رقم ١١٧٦ - موارد) وهو حديث صحيح. (٥) في (ب): "دليل". (٦) انظر: "المحلَّى" (٨/ ٣٠، ٣١). (٧) في "الاستذكار" (١٥/ ٩٥ رقم ٢١١٤٥). (٨) في (ب): "عتاق".