وقد جعل الإمام ابن حجر الهيثمي -رحمه الله- الحكم بحرمة عقد الإجارة على قلع سن صحيحة مبنيًا على هذا الأصل المقرر عند أهل العلم -رحمهم الله- في باب الإجارة، فقال -رحمه الله-: " ... ومن ثم بطلت الإجارة في قلع سن أن حَرُمَ قطعها ... للعجز عنه شرعًا، فهو كالاستئجار لسائر المحرمات كالنياحة والزمر ... "(١).
ِْ "فجعل الحكم ببطلان الإجارة على القلع المحرم ملحقًا بالإجارة على المحرمات.
واشتراط حل المنفعة لكي يحكم بصحة الإجارة مبني على القياس ووجهه: أنه لا تصح الإجارة على المنافع المحرمة كما لا يصح بيع الأعيان المحرمة بجامع كون كل منهما عقد معاوضة.
وقد أشار الإمام الشيرازي (٢) -رحمه الله- إلى مسند هذا الحكم من وجه آخر بقوله: "ولا تجوز (٣) على المنافع المحرمة؛ لأنه يحرم، فلا يجوز أخذ العوض عليه كالميتة والدم" (٤) اهـ.
ومراده -رحمه الله- أن حرمة الانتفاع بالشيء موجبة لحرمة أخذ العوض عليه كالحال في الميتة والدم فإنه لما حرم الانتفاع بهما حرم
= للشربيني ٢/ ٣٢٤، المبدع لابن مفلح ٥/ ٧٣، ٧٤. (١) فتح الجواد للهيثمي ١/ ٥٨٩. (٢) هو الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروز آبادي الشيرازي من كبار مجتهدي المذهب الشافعي، ولد -رحمه الله- بفيروز آباد سنة ٣٩٣ من الهجرة وتوفي ببغداد سنة ٤٧٦ من الهجرة، ومن مصنفاته: المهذب، والنكت، واللمع. معجم المؤلفين، عمر كحالة ١/ ٦٨، ٦٩. (٣) أي الإجارة. (٤) المهذب للشيرازي ١/ ٣٩٨.