وددت أني راهنت [١] في الرجز من أحبّ، والله لأنا أرجز من العجاج، فليت البصرة جمعت بيني وبينه، قال: والعجاج حاضر، وابنه رؤبة معه. فأقبل رؤبة على أبيه فقال: قد أنصفك الرجل، فقال العجاج: ها أنا ذا العجاج، وزحف إليه، فقال: وأيّ العجّاجين أنت؟ قال: ما خلتك تعني غيري، أنا عبد الله الطويل، وكان يكنى بذلك. قال المدني: ما عنيتك ولا أردتك، قال: كيف وقد هتفت باسمي؟ قال: وما في الدنيا عجاج سواك؟ قال: ما علمت، قال:
لكني أعلم وإياه عنيت. قال: فهذا ابني رؤبة، قال: اللهم غفرا ما بيني وبينكما عمل، وإنما مرادي غيركما، فضحك أهل الحلقة، وكفّا عنه.
«٧٦٣» - قال إسحاق الموصلي: دخلت يوما على الأمين فرأيته مغضبا كالحا، فقلت له: يا أمير المؤمنين ما لي أراك كالخاثر [٢] ؟ قال: غاظني أبوك الساعة، لا رحمه الله، والله لو كان حيا لضربته خمسمائة سوط، ولولاك لنبشت الساعة قبره وأحرقت عظامه. فقمت على رجليّ وقلت: أعوذ بالله من سخطك يا أمير المؤمنين. ومن أبي وما مقداره حتى تغتاظ منه؟ وما الذي غاظك؟ فلعلّ له فيه عذرا. فقال: شدة محبته للمأمون وتقديمه إياه عليّ حتى قال في الرشيد شعرا يقدّمه عليّ فيه وغنّاه فيه، وغنّيته الآن فأورثني هذا الغيظ، فقلت: والله ما سمعت هذا قطّ ولا لأبي غناء إلّا وأنا أرويه، فما هو؟ قال: قوله: [من الوافر]
أبو المأمون فينا والأمين ... له كنفان [٣] من كرم ولين
فقلت له: يا أمير المؤمنين، لم يقدّم المأمون في هذا الشعر لتقديمه إياه في الموالاة،
[١] الأغاني: راميت. [٢] ح: فقلت ما لأمير المؤمنين كالخاثر. [٣] ح: كفان.