ولمّا هجا أبا موسى رجل من العرب فقال له: أنت بالبقر أبصر منك بالخيل! فقال أبو موسى: لئن قلت ذلك إنّي لعالم بها؛ إذا أردتها غزيرة فعليك بها ضخمة الجوف، صغيرة الرّأس، دقيقة القرن.
قال الكميت بن معروف:
إنّا إذا اجتمع النّفير لمجمع ... ينفي الأقلّ به العزيز الأكثر [١]
يحمي حقيقتنا ويدرك حقّنا ... رأس إذا اجتمع الجماجم مجهر [٢]
وإذا عزّت القبيلة وقهرت القبائل فهي رأس، كذلك تسمّى، ولذلك قال عمرو بن كلثوم:
برأس من بني جشم بن بكر ... ندقّ به السّهولة والحزونا [٣]
قال: وقيل لأعرابي: إنّك لتكثر لبس العمامة! قال: إنّ شيئا فيه السّمع والبصر لجديد بأن يوقى الحرّ والقرّ! وقال نصيب أبو الحجناء [٤] :
الحمد لله، أمّا بعد يا عمر ... فقد أتتك بنا الحاجات والقدر [٥]
وأنت رأس قريش وابن سيّدها ... والرأس فيه يكون السمع والبصر
[١] النفير: القوم ينفرون معك لقتال، والجماعة من الناس، كالنّفر. [٢] الجماجم: رؤساء القوم وساداتهم. والمجهر، كمنبر: الشديد الصوت. وفي حديث عمر أنه كان مجهرا. ويقال أجهر فهو مجهر، إذا عرف بشدة الصوت. [٣] في الأصل: «يدق» ، صوابه من المعلقات. [٤] سبقت ترجمته في ص ١٦٧. [٥] يعني عمر بن عبد العزيز.