وقالَ المبرِّدُ: روي لنا أنَّ رجلًا باذَّ (١) الهيئةِ دخلَ على قومٍ يشربون، فحطُّوا مرتبتَه في الشَّرابِ، فقال (٢):
نبيذانِ (٣) في مجلسٍ واحدٍ … لإيثارِ مُثْرٍ على مُقْترِ
ولو كنتَ تفعلُ ذا في الطَّعامِ … لزمت قياسَك في المُسكرِ
ولو كنتَ تفعلُ فعلَ الكرام … سلكتَ سبيلَ أبي البَختري
تتبَّعَ أصحابَه في البلاد … فأغنى المقلَّ عن المُكثرِ
قالَ: فبعثَ إليه أبو البختريِّ بألفِ دينارٍ.
لكنَّه متَّهمٌ في الحديثِ. قالَ ابنُ مَعِينٍ: كانَ عدوُّ الله يكذبُ، وقالَ عثمانُ بنُ أبي شيبةَ: أرى أنْ يُبعثَ يومَ القيامةِ دجَّالًا.
وقالَ أحمدُ: كانَ يضعُ الحديثَ وضعًا فيما يرى، ومرَّةً: هو أكذبُ النَّاس، وكذا قالَ إسحاقُ بنُ راهويه، وكانَ وكيعٌ (٤) يرميه بالكذبِ، وكذَّبه حفصُ بنُ غياثٍ، وقالَ شعيبُ بنُ إسحاقَ: كذَّابا هذه الأمَّة: أبو البَختريِّ، وذكرَ آخرَ، واتَّهمه مالكٌ، وقالَ البخاريُّ (٥): سكتوا عنه.
(١) في المخطوطة: "ناد"، وهو تحريف، والتصويب من "تاريخ دمشق" ٦٣/ ٤١٠.في "القاموس": بذذ: باذُّ الهيئة، وبذُّها: رثُّها.(٢) الأبيات مع القصة في "وفيات الأعيان" ٦/ ٣٨، و"تاريخ الإسلام" ١٣/ ٤٩٣.(٣) مراده بالنبيذين: الأول: الشرابُ المسمى نبيذًا، والثاني: الشخص المنبوذ، يريد الشاعرُ نفسَه.(٤) ملحقة بالهامش، وعليها: "صح".(٥) "التاريخ الكبير" ٨/ ١٧٠، و"الأوسط" ٤/ ٩٣٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute