كم طالب صفو ودّ من مناهلها … فأبدلته ورود الصّفو بالكدر
كم مرتج ظفرا من سيب نائلها … فلم يفز من رجا المأمول بالظّفر
كم سالك منهجا منها يظنّ به … فوزا فأوقعه فى مهمه الخطر
مالى وللأمل المزرى بصاحبه … إنّى لفى ما أرى منه على غرر
هب أنّه أنجز الموعود من عدتى … ونلت ما نلت من آمالى الكبر
فما اغتباطى بعيش لا ثبات له … كأنّ ما صار منه قطّ لم يصر
إيّاك خضراء ما قد غرّ من دمن … راقت فشاقك منها رائع النّظر
دنياك دنياك لا تجنح لها فلكم … فرت أديما بحدّ النّاب والظّفر
ما أنسى لا أنس عيشا قد لهوت به … مع فتية كوجوه الأنجم الزّهر
كنّا قديما على حال نسرّ به … من التّواصل إخوانا على سرر
/ ففرّق الدّهر شملا كان يجمعنا … وفاجأتنا على أمن يد الغير
صمّى (١) صمام فقد شالت نعامتهم … وغودروا بين سمع الأرض والبصر
لم يبق عطر عروس بعد فقدهم … ولا بلوغ لبانات من الوطر
أعزز علىّ بأنّى لا أرى أحدا … من بعدهم يرتجى للنّفع والضّرر
وأىّ شنشنة فى المجد أعرفها … لهم وما فوقها فخر لمفتخر
إنّا إلى الله من دهر توعّدهم … بالنائبات فلم يمهل ولم يذر
إنّا إلى الله من شمل تفرّق من … بعد اجتماع لهم فى غابر العمر
إنّا إلى الله من حال تقرّ بها … عين لذى حسد بالبغى مشتهر
(١) من أمثال العرب، و «صمام» على وزن قطام: الداهية، والمعنى: اخرسى يا صمام، وعن الجوهرى: صمى صمام، أى: زيدى، وأنشد ابن برى للأسود بن يعفر:
فرت يهود وأسلمت جيرانها … صمى لما فعلت يهود صمام
انظر: الصحاح/ ١٩٦٧، ومجمع الأمثال ١/ ٣٤٨، واللسان ١٢/ ٣٤٥.