الوجه الثالث: أن عبد الرحمن بن عوف لم يسأل الناس ابتداءً، وإنَّما لما احتاج للترجيح بينهما، وعلى مبدأ الديمقراطية يسأل الناس ابتداء.
الوجه الرابع: أن عبد الرحمن بن عوف لم يجعل قرار الشعب مُلزِمًا له بل هو الذي اختاره ورجَّح به، وعلى مبدأ الديمقراطية ما اختاره الشعب مُلزِمٌ للحاكم.
الدليل الثالث: الإجماع:
أجمع أهلُ السُّنة على صحَّة إمامة المتغلِّب، ودونكَ بعض من حكى الإجماع:
١ - الإمام أحمد، قال:«ومَن خرَج على إمامٍ من أئمة المسلمين، وقد كانوا اجتمعوا عليه، وأقرُّوا بالخلافة بأيِّ وجهٍ كان بالرضا أو الغلبة = فقد شقَّ هذا الخارجُ عصا المسلمين، وخالفَ الآثارَ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «فإنْ ماتَ الخارج عليه مات ميتة جاهلية»، ولا يحلُّ قتال السلطان، ولا الخروجُ عليه لأحدٍ من الناس، فمَن فعلَ ذلك فهو مبتدعٌ على غيرِ السنة» (١).
٢ - الإمام علي بن المديني، قال:«السنة اللازمة التي مَنْ تركَ منها خصلةً لم يقلها أو يؤمن بها لم يكن من أهلها»، ثم قال:«ومَن خرجَ على إمامٍ من أئمة المسلمين، وقد اجتمعَ عليه الناس، فأقرُّوا له بالخلافة بأيِّ وجهٍ كانت برضا كانت أو بغلبة = فقد شقَّ هذا الخارج عليه العصا وخالفَ الآثار عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فإن مات الخارجُ عليه مات ميتةً جاهلية، ولا يحلُّ قتال السلطان ولا الخروجُ عليه لأحدٍ من الناس فمَن عملَ ذلك فهو مبتدعٌ على غير السنة»(٢).
(١) أصول السنة (ص: ٤٥)، الأصل فيما يذكر في كتب العقائد أنها مسائل مجمَعٌ عليها، والعلماء المؤلِّفون في العقائد يشيرون لهذا لا سيما أنهم يبدِّعون المخالف. (٢) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (١/ ١٨٥).