أنه قد روي عن بعض السلف جوازُ غيبة الحاكم الظالم، فدلَّ هذا على جَواز الكلام في الحكَّام من ورائهم.
قال ابن عيينة:«ثلاثةٌ ليست لهم غيبة: الإمام الجائر، والفاسق المعلِنُ بفسقهِ، والمبتدعُ الذي يدعو الناس إلى بدعته»(١).
قال الحسن البصري:«ثلاثةٌ ليست لهم حُرمةٌ في الغيبة: فاسقٌ يعلنُ الفسقَ، والأميرُ الجائر، وصاحب البدعة المعلِنُ البدعة»(٢).
قال إبراهيم: قال: «ثلاثٌ كانوا لا يعدُّونهنَّ من الغيبة: الإمامُ الجائر، والمبتدع، والفاسقُ المجاهر بفسقه»(٣).
وكشف هذه الشبهة من أوجه:
الوجه الأول: أنه لايسلَّم بصحة هذه الآثار لأنها ضعيفة.
الوجه الثاني: أنه إذا كان في الخروج على السلطان خلافٌ بين التابعين فالكلامُ فيه من باب أَولى، لكنْ لما انعقد الإجماعُ بعد التابعين على حُرمة الخروج على
(١) شعب الإيمان (٩/ ١٢٦)؛ في إسناده زكريا بن دلَّوَيه، لم أر من وثَّقه في روايته وضبطه. (٢) شعب الإيمان (٧/ ١١٠) وفي إسناده مندل بن علي وموسى بن عبيدة، وهما ضعيفان. وأخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب «الصمت» (ص: ١٤٥)، وفي إسناده شريك النخعي، وهو ضعيف. (٣) الصمت (ص: ١٤٢) وفي إسناده ابن مغراء؛ صدوق، وفي حديثه عن الأعمش كلامٌ أشار إليه ابن المديني وابن عدي كما في «تهذيب الكمال»، وللأعمش أصحابٌ فلا يحتمل تفرُّد مَنْ في روايتهِ عنه أخطاء.