وقد بدأت هذه المرحلة بعد عهد الخليفة الراشد عبد الله بن الزبير» (١).
وفي هذا الكلام عدة أمور:
الأمر الأول: أنه ذمَّ خالَ المؤمنين معاوية بن أبي سفيان؛ لأنه جعلَ الحكمَ في ابنه بالإرث وهذا ليس مذمومًا؛ لأن فعله لمصلحة - كما تقدَّم نقلُ كلامِ ابن خلدون (٢) - ولو كان محبًّا لمعاوية، وعارفًا قدرَهُ ومنزلته؛ لحملَ فعله على المحمَل الحسن، لكنه أبى إلَّا القدح فيه - بقصدٍ أو بغير قصد - وجعل خلافته ابتداء للخطاب السياسي المؤول.
الأمر الثاني: أنه لو ثبت حديث: «أوَّل من يغير سنَّتي رجلٌ من بني أمية» فليس لازمًا أن ينزله على معاوية، فقد تلاه حكَّام وولاة من بني أمية هم أَولى أن ينزل عليهم منه -رضي الله عنه- لاسيما وهو أفضلُ ملوك الإسلام بالإجماع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:«واتفق العلماء على أنَّ معاوية أفضلُ ملوك هذه الأمة»(٣)، فلماذا الإصرارُ في تنزيل الحديث على معاوية؟
هل كل هذا الغضب عليه لأنه جعلَ الولاية إرثًا لابنه يزيد - مع أنَّ هذا مقتضى المصلحة -، فلما وجد المعارض زلَّة لأحدٍ أهل العلم بأن جعل المراد معاوية طارَ بها فرحًا ونشرًا، بدلَ سترها وإخفائها؛ لئلا يُنال من خال المؤمنين.
(١) (ص: ١٠٧). (٢) تقدم (ص: ١٣٩). (٣) مجموع الفتاوى (٤/ ٤٧٨).