وقد جاء الأشعث ومعه جماعة من أهل الكوفة إلى عمر يطلبون منه عزلَ سعد بن أبي وقاص أمير الكوفة، وبطل القادسية، وخال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فعزَلَهُ عمرُ نزولًا عند رغبتهم، مع ثقتهِ بسعد، ثم سألهم فقال: إذا كان الإمام عليكم فجَارَ ومنعكُم حقَّكم وأساءَ صُحبتكم ما تصنعون به؟ قالوا: إنْ رأينا جَورًا صبرنا. فقال عمر:«لا واللهِ الذي لا إله إلا هو، لا تكونون شهداء في الأرض حتى تأخذوهُم كأخذِهم إيَّاكم، وتضربوهم في الحقِّ كضربهم إيَّاكم وإلَّا فلا»(١).
في هذا عدة أمور:
الأمر الأول: خطأ تعريفه للمعروف الذي تجبُ فيه الطاعة، وهو قوله: الخير والحقُّ والعدل. كما سبق بيانه (٢) وأنه مخالفٌ لمنهج أهل السنة الذين يفسِّرون المعروف بأنه: كل ما ليس معصية؛ فيدخلُ المباحُ في المعروف الذي يجبُ السمع والطاعة للحاكم فيه.
الأمر الثاني: أورد أثرين عن عمر بن الخطاب فيهما تقويمُ الحاكم والسلطان بالسَّيف؛ ولا يصحَّان - كما تقدم - (٣).
الأمر الثالث: أورد أثر أبي بكر لما قال: «فقوِّموني» سبقَ الكلام عليه (٤)، وأنه لا دلالة فيه؛ لأنَّ المراد بالتقويم أي بالنصيحة بالطرق الشرعية لأجل ضعف رواية التقويم بالسَّيف؛ وأيضًا ليتوافق مع بقية الأدلة.
(١) (ص: ٦٨). (٢) تقدم (ص: ٧٥). (٣) تقدم (ص: ٢٠٠، ٢٠١). (٤) تقدم (ص: ٣٢٢).