ولسنا بصدد إحصاء آيات العلم والتعليم والعلماء في القرآن الكريم، فإنَّ المقام لا يتسع لذلك، وإنما الغاية أنْ نعرف موقف الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من العلم والحث على طلبه، وتشجيعه للعلماء وطلاب العلم على ممارسة التعليم والتعلم، فنطَّلع على سُنَّته - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - في ذلك، لأنَّ لهذا أثرًا بعيدًا في حفظ «السُنَّةِ» إلى جانب القرآن الكريم. وإنَّ ما سنعرضه الآن إنما هو غيض من فيض.
بيَّنَ الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منزلة العلم وحض على طلبه فقال:«مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ»(١) وقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَقِيهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ»(٢)، وجعل العلم ركنا من أركان الخير وَمَيَّزَ الناس به فقال:«النَّاسُ مَعَادِنُ، خِيَارُهُمْ في الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ في الإسْلاَمِ إِذَا فَقهُوا»(٣).
وجعل طلب العلم الشرعي الذي يحتاج إليه المسلم ليقيم أمور دينه فريضة على المسلم فقال - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -: «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ»(٤).
(١) رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة في " مسنده ": ص ١٨٠ حديث ٧١٩٣ جـ ١٢، إسناده صحيح. ورواه الطبراني في " الصغير " ورجاله رجال الصحيح، انظر " مجمع الزوائد ": ص ١٢١ جـ ١ و" سنن ابن ماجه ": ص ٤٩ جـ ١، وأخرجه البخاري في " صحيحه " في غير موضع مسندًا ومعلقًا على صيغة الجزم فهي في حكم المسند. (٢) رواه ابن ماجه: ص ٥٠ جـ ١ وذكره ابن عبد البر في " جامع بيان العلم ": ص ٢٦ جـ ١ كما أخرجه الترمذي. (٣) رواه الإمام أحمد عن جابر بن عبد الله، انظر " مجمع الزوائد ": ص ١٢١ جـ ١ وقال: رجاله رجال الصحيح، وانظر " جامع بيان العلم ": ص ١٨ جـ ١. (٤) " سنن ابن ماجه ": ص ٥٠ جـ ١، رواه أنس عن الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.