وروى الوليد بن عبد الرحمن أنَّ أبا هريرة حَدَّثَ عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا وَتَبِعَهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ» فقال عبد الله بن عمر: «انْظُرْ مَا تُحَدِّثُ، فَإِنَّكَ تُكْثِرُ مِنَ الحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -»، فأخذ بيده، فذهب به إلى عائشة فسألها عن ذلك، فقالت:«صَدَقَ أَبُو هَرَيْرَةُ!!» ثم قال: «يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَاللَّهِ مَا كَانَ يَشْغَلُنِي عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ، إِنَّمَا كَانَ يَهُمُّنِي كَلِمَةٌ من رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَلِّمُنِيهَا، أَوْ لُقْمَةٌ يُطْعِمُنِيهَا»(٢)، وفي رواية: وفي رواية: «إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَشْغَلُنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَرْسُ بِالوَادِي وَصَفْقٌ بِالأَسْوَاقِ (٣). فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ:«أَنْتَ أَعْلَمُنَا - يَا أَبَا هُرَيْرَةَ - بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَحْفَظُنَا لِحَدِيثِهِ»(٤).
وقد شهد له إخوانه أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بكثرة سماعه وأخذه عن رسول الله. وهذه الشهادات تدفع كل ريب أو ظن حول كثرة حديثه، حتى إنَّ بعض الصحابة رَوَوْا عنه لأنه سمع من النبي الكريم - صَلَّى اللَّهُ
(١) " مسند الإمام أحمد: ص ١٢٣، حديث ٧٦٩١ جـ ١٤، وانظر " فتح الباري ": ص ٢٤٤ جـ ١، والآية (١٥٩) من سورة البقرة. (٢) " طبقات ابن سعد ": ص ٥٧ قسم ٢ جـ ٤، ونحوه بإسناد صحيح في " مسند الإمام أحمد ": ص ١٧٥ حديث ٧١٨٨ جـ ١٢. (٣) " البداية والنهاية ": ص ١٠٧ جـ ٨، و" طبقات ابن سعد ": ص ١١٨ قسم ٢ جـ ٢، وقال الترمذي في قول ابن عمر: «حَسَنٌ» انظر " فتح الباري ": ص ٢٢٥ جـ ١. (٤) " البداية والنهاية ": ص ١٠٧ جـ ٨، و" طبقات ابن سعد ": ص ١١٨ قسم ٢ جـ ٢، وقال الترمذي في قول ابن عمر: «حَسَنٌ» انظر " فتح الباري ": ص ٢٢٥ جـ ١.