(والوسط العدل) من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-، وليس مدرجًا كما توهم البعض (١).
وأيضًا فهذا التفسير هو المتسق مع كون هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس؛ قال الشنقيطي في تفسير قوله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}: "أي خيارًا عدولًا، ويدل لأن الوسط الخيار العدول قوله تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}(٢) "(٣).
ثم إن تفسير الوسطية بالعدالة والخيرية هو المتفق مع مرتبة الشهادة التي نالتها هذه الأمة؛ فالشاهد لا بد أن يكون عدلا، وفي فتح الباري:"وشرط قبول الشهادة العدالة، وقد ثبت لهم هذه الصفة بقوله وسطا، والوسط العدل"(٤).
وهذا التفسير مروي عن جمع غفير من السلف؛ منهم: ابن عباس ومجاهد وقتادة وعطاء وغيرهم (٥).
وقد قال الطبري رحمه الله:"فمعنى ذلك: وكذلك جعلناكم أمة وسطًا: عدولًا لتكونوا شهداء لأنبيائي ورسلي على أممهم بالبلاغ … "(٦).
وقال الحافظ ابن كثير:"والوسط ههنا: الخيار والأجود؛ كما يقال: قريش أوسط العرب نسبًا ودارًا؛ أي خيرها، وكان رسول الله وسطًا في قومه؛ أي أشرفهم نسبًا"(٧)، ثم استدل رحمه الله بحديث أبي سعيد السابق.
(١) فتح الباري (٨/ ١٧٢). (٢) سورة آل عمران، الآية (١١٠). (٣) أضواء البيان (١/ ٧٥). (٤) فتح الباري (١٣/ ٣١٦). (٥) انظر تفسير الطبري (٣/ ١٤٤ - ١٤٥). (٦) المصدر السابق (٣/ ١٤٥). (٧) تفسير القرآن العظيم (١/ ١٩١).