على البكري، وغيره من أهل العلم: على أن مناداة الصفة محرَّم بالإجماع، فإذا كانت الصفة هي الكلمة - كلمة الله -جل وعلا-: كان كفرًا بالإجماع؛ لأن من نادى الكلمة، يعني بها عيسى عليه السلام فيكون تأليهًا لغير الله -جل وعلا- ورضا الله -جل وعلا- صفة من صفاته، فلا يجوز نداء الصفة.
والمؤاخذة الثانية في تلك الكلمة: أنه جعل رضا الوالدين مقرونًا برضا الله -جل وعلا- بـ (الواو)، والأنسب هنا أن يكون العطف بـ (ثم) فيقول -مثلًا-: أسأل الله رضاه ثم رضا الوالدين. وإن كان استعمال الواو في مثل هذا السياق لا بأس به، لأن الله -جل وعلا- قال:{أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}(١) وقال -جل وعلا-: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}(٢)، ولأن (الواو) هنا تقتضي تشريكًا في أصل الرضا؛ وهذا الرضا يمكن أن يكون من الوالدين -أيضًا-: فيكون التشريك في أصل المعنى، لا في المرتبة" (٣).
(١) سورة لقمان، الآية (١٤). (٢) سورة الإسراء، الآية (٢٣). (٣) التمهيد لشرح كتاب التوحيد، ص ٦١٤. فائدة: ورد في الحديث الصحيح: "رضا الرب في رضا الوالد" انظر: السلسلة الصحيحة للألباني (٥١٥).