٣ - قال الطحاوي في عقيدته:"ونسمي أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين، ما داموا بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم معترفين، وله بكل ما قال وأخبر مصدقين".
قال ابن أبي العز في شرحه:"قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فهو المسلم، له ما لنا وعليه ما علينا). ويشير الشيخ -رحمه الله- بهذا الكلام إلى أن الإسلام والإيمان واحد، وأن المسلم لا يخرج من الإسلام بارتكاب الذنب ما لم يستحلَّه.
والمراد بقوله: "أهل قبلتنا" من يدعي الإسلام، ويستقبل الكعبة وإن كان من أهل الأهواء، أو من أهل المعاصي، ما لم يكذب بشيء مما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم-. وسيأتي الكلام على هذين المعنيين عند قول الشيخ: "ولا تكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحلَّه" (١).
وقال في الموضع المشار إليه (٢): "قوله: (ولا نكفِّر أحدًا من أهل القبلة بذنب، ما لم يستحله، ولا نقول: لا يضر مع الإيمان ذنب لمن عمله): أراد بأهل القبلة الذين تقدم ذكرهم في قوله: "ونسمي أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين"، يشير الشيخ -رحمه الله- إلى الرد على الخوارج القائلين بالتكفير بكل ذنب.
واعلم -رحمك الله وإيانا- أن باب التكفير وعدم التكفير بابٌ عظُمت الفتنة والمحنة فيه، وكثر فيه الافتراق، وتشتتت فيه الأهواء والآراء،
(١) شرح العقيدة الطحاوية، ص ٤٢٦، ٤٢٧، طبعة التركي والأرناؤوط. (٢) المرجع السابق نفسه، ص ٤٣٢ - ٤٣٤.