وَثَبَتَ عَنْهُ أَنْ قَالَ: "مَن نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَن نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللهَ فَلَا يَعْصِهِ" (١).
فَإِذَا كَانَ قَصْدُ الْإِنْسَانِ أَنْ يَنْذُرَ للّهِ طَاعَة فَعَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ.
وَإِنْ نَذَرَ مَا لَيْسَ بِطَاعَةٍ لَمْ يَكُن عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ.
وَمَا كَانَ مُحَرَّمًا لَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِهِ.
لَكِنْ إذَا لَمْ يُوفِ بِالنَّذْرِ للّهِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عِنْدَ أَكْثَرِ السَّلَفِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُهُ الْحَضَّ أَو الْمَنْعَ أَو التَّصْدِيقَ أَو التَّكْذِيبَ (٢)، فَهَذَا هُوَ الْحَلِفُ بِالنَّذْرِ وَالطَّلَاق وَالْعَتَاق وَالظِّهَار وَالْحَرَام؛ كَقَوْلِهِ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ، وَصَوْمُ سَنَةٍ، وَمَالِي صَدَقَةٌ، وَعَبِيدِي أَحْرَارٌ، وَنِسَائِي طَوَالِقُ.
فَهَذَا الصِّنْفُ يَدْخُلُ فِي مَسَائِلِ الْأَيْمَانِ، وَيَدْخُلُ فِي مَسَائِلِ الطَّلَاقِ وَالْعتَاقِ وَالنَذْرِ وَالظِّهَارِ.
وَللْعُلَمَاءِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا حَلَفَ بِهِ إذَا حَنِثَ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: هَذِهِ يَمِين غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ فَلَا شَيْءَ فِيهَا إذَا حَنِثَ، لَا كَفَّارَةَ وَلَا وُقُوعَ؛ لِأنَّ هَذَا حَلِفٌ بِغَيْرِ اللّهِ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ هَذِهِ أَيْمَان مُكَفّرَةٌ إذَا حَنِثَ فِيهَا كَغَيْرِهَا مِن الْأَيْمَانِ.
والْقَوْلُ الثَّالِثُ: هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَةُ وَالاِعْتِبَارُ، وَعَلَيْهِ تَدُلُّ أَقْوَالِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي الْجُمْلَةِ.
(١) رواه البخاري (٦٦٩٦).
(٢) قال الشيخ في موضع آخر: إِنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ:
أ - إمَّا جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ، فَيَكُونُ مَقْصُودُ الْحَالِفِ التَّصْدِيقَ وَالتَّكذِيبَ.
ب - وَإِمَّا جُمْلَةٌ طَلَبِيَّةٌ، فَيَكُونُ مَقْصُودُ الْحَالِفِ الْحَض وَالْمَنْعَ. اهـ. (٣٣/ ٢٣١ - ٢٣٢)