لما قص تعالى على نبيه ﷺ خبر قوم نوح، وهود، وصالح، ولوط، وشعيب [عليهم الصلاة والسلام](١) وما كان من إهلاكه الكافرين وإنجائه المؤمنين، وأنه تعالى أعذر إليهم بأن بين لهم الحق بالحجج على ألسنة الرسل، صلوات الله عليهم أجمعين، قال تعالى:(تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ) أي: يا محمد (مِنْ أَنْبَائِهَا) أي: من أخبارها، (وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ) أي: بالحجج على صدقهم فيما أخبروهم به، كما قال تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا﴾ [الإسراء: ١٥] وقال تعالى: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ * وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ [هود: ١٠٠، ١٠١]
وقوله تعالى:(فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ) الباء سببية، أي: فما كانوا ليؤمنوا بما جاءتهم به الرسل بسبب تكذيبهم بالحق أول ما ورد عليهم. حكاه ابن عطية، ﵀، وهو متجه حسن، كقوله: ﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ * وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ [فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ](٢)﴾ [الأنعام: ١١٠، ١١١]؛
(١) زيادة من أ. (٢) زيادة من ك، م، أ. وفي هـ: "الآية".