للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أديم السماء منهم، إلا رجلا واحدًا كان في حرم الله". فقالوا: من هو يا رسول الله؟ قال: "أبو رِغال. فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه" (١)

وهذا الحديث ليس في شيء من الكتب الستة، وهو على شرط مسلم.

فقوله تعالى: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا) أي: ولقد أرسلنا إلى قبيلة ثمود أخاهم صالحا، (قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) جميع الرسل يدعون إلى عبادة الله وحده لا شريك له، كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: ٢٥] وقال [تعالى] (٢) ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦].

وقوله: (قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً) أي: قد جاءتكم حجة من الله على صدق ما جئتكم به. وكانوا هم الذين سألوا صالحا أن يأتيهم بآية، واقترحوا عليه أن تخرج لهم من صخرة صمَاء عَيّنوها بأنفسهم، وهي صخرة منفردة في ناحية الحِجْر، يقال لها: الكَاتبة، فطلبوا منه (٣) أن يخرج لهم منها ناقة عُشَراء تَمْخَضُ، فأخذ عليهم صالح العهود والمواثيق لئن أجابهم الله إلى سؤالهم وأجابهم إلى طُلْبتهم ليؤمنن به وليتبعنه؟ فلما أعطوه على ذلك عهودهم ومواثيقهم، قام صالح، ، إلى صلاته ودعا الله، ﷿، فتحركت تلك الصخرة ثم انصدعت عن ناقة جَوْفاء وَبْرَ اء يتحرك جنينها بين جنبيها، كما سألوا، فعند ذلك آمن رئيس القوم وهو: "جُندَع بن عمرو" ومن كان معه على أمره (٤) وأراد بقية أشراف ثمود أن يؤمنوا فصدهم "ذُؤاب بن عمرو بن لبيد"والحباب" صاحب أوثانهم، ورباب بن صمعر بن جلهس، وكان ل"جندع بن عمرو" ابن عم يقال له: "شهاب بن خليفة بن مخلاة بن لبيد بن جواس"، وكان من أشراف ثمود وأفاضلها، فأراد أن يسلم أيضا فنهاه أولئك الرهط، فأطاعهم، فقال في ذلك رجل من مؤمني ثمود، يقال له مهوس (٥) بن عنمة بن الدميل، :

وكانت عُصْبةٌ من آل عَمْرو … إلى دين النبيّ دَعَوا شِهَابا

عَزيزَ ثَمُودَ كُلَّهمُ جميعا … فَهَمّ بأن يُجِيبَ فلو (٦) أجابا

لأصبحَ صالحٌ فينا عَزيزًا … وما عَدَلوا بصاحبهم ذُؤابا

ولكنّ الغُوَاة من آل حُجْرٍ … تَوَلَّوْا بعد رُشْدهم ذئابا

فأقامت الناقة وفصيلها بعد ما وضعته بين أظهرهم مدة، تشرب ماء بئرها يوما، وتدعه لهم يوما، وكانوا يشربون لبنها يوم (٧) شربها، يحتلبونها فيملئون ما شاءوا من أوعيتهم وأوانيهم، كما قال في الآية الأخرى: ﴿وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ﴾ [القمر: ٢٨] وقال تعالى: ﴿هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ [الشعراء: ١٥٥] وكانت تسرح في بعض تلك الأودية


(١) المسند (٣/ ٢٩٦) وقال الهيثمي في المجمع (٦/ ١٩٤): "رجال أحمد رجال الصحيح".
(٢) زيادة من م.
(٣) في م: "منها".
(٤) في أ: "على دينه".
(٥) في ك، م، أ: "مهوش".
(٦) في م: "ولو".
(٧) في أ: "بيوم".